روزمين♡الامبراطور♡ 11

القائمة الرئيسية

الصفحات

 ضجيج مرتفع وضحكات مقززة صاخبة تصدح

في أذنيها من كل جهة، حيث كانت ملقاة على

الأرض يداها مقيدتان خلف ظهرها وقدماها 

كذلك، تستلقي بكل ثبات كالجثة 


تلتقط الأصوات من حولها لتعلم عما يتحدثون 

وكم عددهم وأماكن انتشارهم 

المخيم كان كبيرا، بدا وكأنهم قبيلة بأكملها 

لولا أنه لا وجود للنساء والأطفال، فقط الرجال 

من يعزفون ويرقصون منتشين بالخمور والنبيذ


عددهم حسب تقديرها كان ثلاثة وستين رجلا 


أغلبهم يجلسون خارجا بينما الجرحى الذين 

سقطوا على يديها موجودون داخل الخيام 

وهناك من يعتني بهم 

فجأة بدأ أحدهم بالاقتراب قاصدا إياها 


فسمعته يصيح برفاقه الضاحكين 


"كان علينا إحضار بعض النساء من مملكتنا

فيبدو أن الإمبراطور قد شوه كل النساء هنا

ولم يترك لنا ما نستمتع به" 

لم تكن لتهتم بأحاديثهم العابرة القذرة لولا أنها 

رغبت في معرفة المزيد عنهم، كلما تحدثوا 

أكثر كلما حصلت على معلومات أكثر 


ومن كلامه قد فهمت أنهم ينتمون إلى إحدى

الممالك المعادية للإمبراطور، يبقى أن تعرف أيها 

بالضبط، مع أنه ليس شرطا لكنه سيوفر الكثير

من العناء على رجال جيمين 

استمر الرجل بالاقتراب ووقف بجانبها ليركل

قدمها ويترنح قليلا 


"إنها بلا فائدة، هل يمكنني الحصول عليها 

قبل أن تموت؟" 


رفع صوته وكأنه يسأل شخصا معينا، ومن بين

ضجيج الرجال سمعت أحدهم يتحدث بنبرة 

ثابتة، لا يبدو أنه قد ثمل مثل البقية 

"شينغ، أترك الفتاة حتى يأتي الزعيم لنرى 

ما سنفعله بها" 


أصدر المعني صوتا متذمرا ليركلها مجددا بقوة 

أكبر قبل أن يبتعد عنها 


ولم يطل الوقت حتى تعالت الهتافات لوصول 

زعيمهم على ظهر فرسه البيضاء بقامته الشامخة

وبرفقته ابنه الشاب على حصان آخر 

الاثنان توقفا بمنتصف المخيف لينزلا من على

الأحصنة فيقترب أحد الرجال إلى الزعيم ليخبره 

بما حصل 


أخبره عن كونهم استطاعوا القبض على فتاة 

عمياء ذات قدرات قتالية مذهلة، والأهم أنهم 

حصلوا على حصانين أصيلين و عربة مرصعة

بالذهب والجواهر 

الزعيم هلهل فرحا وضحك مقتربا من الفتاة 

المستلقية 


سارع أحدهم ليسحبها بقوة وجعلها تجثوا

على ركبتيها وتخفض رأسها احتراما للزعيم 


سمعت خطواته الثقيلة تهز الأرض حين سار

باتجاهها، ومن خلال ذلك استطاعت تخيل 

حجمه وكتلة جسده، رجل في أواخر الأربعينات 

ذو جسد قوي ممتلئ، وعلى الأرجح يرتدي 

ثيابا سوداء مصنوعة من الجلود والفرو 

نظر إليها قليلا قبل أن يأمرها برفع رأسها 

وفتح عينيها، فقط ليتأكد من صحة أقوال 

رجاله بأنها عمياء 


نفذت أوامره ورفعت رأسها لتفرج عن مقلتيها 

المغطاتين بغشاء أبيض، اختفت ابتسامته تدريجيا 

ونظر ناحية ابنه الذي بادله النظرات المتفاجئة

"ألا تخجلون من أنفسكم؟ ستون رجلا من أشد

رجال مملكة هان يخافون من امرأة عمياء!؟" 


صرخ برجاله في غضب ليسود الصمت قبل أن

يقطعه أحدهم متحدثا بنبرة هادئة محترمة 

"هي ليست امرأة عادية سيدي، لقد جرحت 

الكثير من رجالنا وقطعت أطرافهم كذلك 

يمكنك رؤيتهم بنفسك" 


أخرج الزعيم خنجره ليتجه نحوها ويفك 

وثاقها، لكن ورغم تحررها هي لم تقم بعمل

أي حركة مفاجأة أو هجوم مباغت 

لقد علمت إلى أي مملكة ينتمون، لكنها ترغب

في اصطيادهم جميعا بلا استثناء، وإذا بدأت

بقتلهم الآن فالبعض سوف يهربون منها ويعودون 

إلى مملكتهم ليقوموا بتحذير من أرسلهم، وهي 

لا ترغب بذلك 

تريد التخلص منهم جميعا كما أمرها الإمبراطور 


تحضر له أكبر قدر من الأحياء، وتعلق رؤوس

البقية على الرماح في الغابة 


ذهب الزعيم لتفقد الجرحى من رجاله ثم 

عاد بعد لحظات مكفهر الوجه يكاد لا يصدق

ما يقوله أتباعه 

وقف أمامها من جديد وأردف


"حسنا أيتها المحاربة الشجاعة، لقد فاجأتني بالفعل

وأنا لا أنكر ذلك، لكنك في النهاية خسرتي أمام

رجالي، أنت الآن تحت رحمتنا وسط مخيمنا، فلك

الخيار، إما أن تنضمي إلينا وتتعاوني معنا، تصبحين

جزءا منا، وإما أعطي الإذن لرجالي بأن يقوموا 

بتمزيق جسدك" 

خفضت رأسها وأظهرت بعض التعابير الخائفة

المزيفة، قبل أن تومئ برضوخ وتتحدث 


"أ-أنا في خدمتكم.. سوف أنضم إليكم"


ابتسم الزعيم وأشار لخادمه الوفي بأن يساعدها 

للدخول إلى إحدى الخيام وتضميد جراحها 

وبالطبع نبه عليهم ألا يثقوا بها ويراقبوها جيدا 

الوقت تأخر أكثر وتوغل الليل ليبلغ الظلام أشده


الملازم هوسوك ترأس كتيبة من الجنود متجها 

نحو الغابة، بينما انتشرت عدة كتائب أخرى 

لتغطي مساحة أكبر 

بحثوا لعدة ساعات بلا جدوى، حيث قاموا 

بمسح شامل لكل المواقع التي شهدت فيها 

السرقات، وفي النهاية 


عثروا أخيرا على المكان المطلوب 


كانت هناك آثار واضحة لدماء حديثة على الأرض

وآثار أحصنة وعجلات 

الملازم أمر بإرسال إشارة إلى الكتائب القريبة 

لكي تلتحق بهم رغبة في الاجتماع معهم قبل

تتبع الآثار التي لا تبدو واضحة كفاية لتقودهم 

إلى المخيم 


لكن لم تكد تمر دقيقة أخرى حتى صاح أحد 

رجاله مشيرا صوب ضوء مصباح خافت يتقدم 

من بعيد، أشار إليهم هوسوك بالصمت ليستطيع 

سماع أصوات حوافر أحصنة، على ما يبدو أنها 

اكثر من اثنين يليها صوت عربة تتحرك ببطء 

جهز رجاله الأقواس والسهام بينما استل هو 

سيفه من غمده ووقف مترقبا 


مرت اللحظات بهدوء والصوت يقترب أكثر

منهم، ببطء شديد لا يتغير 


سرعان ما وصلت العربة لتقف على مقربة 

منهم فتنهد هوسوك بارتياح وأعاد السيف إلى 

غمده، حيث رآى روزي تقود العربة الذهبية

التي خرجت بها من القصر، ويبدو أنها كانت 

محملة بعدة أشخاص داخلها، بل كانت مكتظة

بهم، لهذا كان تحرك العربة بطيئا نظرا لثقلها 

حتى أنها احتاجت حصانين إضافيين ليقدرا 

على تحريكها 


اقترب منها هوسوك وفي يده شعلة ملتهبة 

يضيء بها نوافذ العربة فاستطاع رؤية عدة

أجساد مربوطة بشكل مؤلم ومحكم جدا لدرجة

عدم قدرتهم على تحريك إنش واحد من أجسادهم 

"هل أحضرت الجميع هنا أم هناك غيرهم؟" 


تساءل ليعود ويقف أمامها فأخبرته أنها قد 

قتلت أغلبهم وتركتهم في مخيمهم، ثم أخبرته 

عن الطريق إلى تلك البقعة ليأمر رجاله باللحاق

به إلى هناك، بينما البقية قاموا بمرافقتها عائدين

إلى القصر 

.. 


دخلت من البوابة الخلفية ليستقبلها الإمبراطور 

الذي لم يغفل لوهلة منذ ساعات، يقف أمام النافذة

المطلقة على تلك البوابة يترقب وصولها 


وفور أن اقتربت سارع بالنزول ليستقبلها

ملتحفا برداء الهدوء وعدم الاكتراث 

أوقفت العربة ليتقدم الحراس ويفتحوا أبواب

العربة، بينما سارت هي عدة خطوات ثابتة 

وتوقفت قبالة الإمبراطور ثم انحنت له باحترام 

وبشكل مثالي وكأنها غير مصابة تنزف الكثير 

من الدماء مع كل ثانية تمر

مرر عينيه عليها وشاهد تمزق ثيابها إثر ضربات 

السيوف والسكاكين، دماؤها التي نزفت قد علقت 

على ردائها وتلوثت بشرتها بالخدوش الحديثة 


الشعور بالقلق والانزعاج من رؤية أحدهم يتأذى 

هو شيء لم يعتد عليه، خصوصا اتجاه امرأة 

لم يكن يهتم إذا عاد رجاله مجروحين من المعارك 

فذلك ليس شيئا ليقلق بشأنه، تلك هي وظيفة 

الأمهات والعاشقات


لكن ها هو ذا يجد نفسه في موقف غريب، يتكرر

في كل مرة يراها في خطر 

هو فخور بها أشد الفخر، لكنه لا ينكر غضبه 

من فكرة أن بعض الرجال القذرين قاموا بلمس

مفضلته بالسوء 


أبعد عينيه عنها عندما بدأ الحراس بسحب

اللصوص المكبلين داخل العربة بصعوبة كونهم 

كانوا مكدسين فوق بعضهم وأطرافهم مربوطة

بإحكام، فإن تم تحريكم بإهمال وقوة مفرطة

قد تنكسر عظامهم وتتحطم أطرافهم

"أخبريني بالضبط ما حدث معك" 


تحدث الإمبراطور أخيرا محافظا على بروده

وقساوة ملامحه فيما يرمق اللصوص بنظرات 

حارقة 


"لقد تعرضت للهجوم من قبل قطاع الطرق، وكنت

في صدد إحضارهم إليك مولاي، لولا اكتشافي

لوجود المزيد منهم، لذلك اضطررت للاستسلام 

أمامهم، حتى دخلت المخيم وحصلت منهم على

ما يكفي من المعلومات 

في النهاية قتلت معظمهم وعلقت رؤوسهم في

الغابة كما أمرت جلالتك، وأبقيت على حياة 

الزعيم وابنه، وبعض من أهم رجاله"


همهم جيمين وشعر بالرغبة لمعرفة المزيد 

المزيد من التفاصيل والمعلومات، لكنه لن يتحدث

بها هنا في الساحة أمام الجميع، بل له معها لقاء

خاص لاحقا ليعرف منها كل شيء


تفحص اللصوص بابتسامة ساخرة منتصرة 

قبل أن يأمر بوضعهم في السجن السفلي للقصر

حيث توجد متاهة من السجون الملتوية، والتي

تعتبر جحيما سرمديا لا مخرج منه 


لحقت به إلى غرفته الملكية لتدخل بعده وتغلق

الباب ثم تتقدم صوبه، لم ينتظر لمزيد من الوقت 

بل اقترب منها فورا وبدأ يتفقد جراحها 


جرح على الذراع وآخر على الخصر والساقين 

بالإضافة إلى الكدمات وآثار الضرب والأوساخ 

التي تغطيها 


زفر بحنق وشد على عينيه متذكرا سبب إرساله 

إياها لهذه المهمة، هي مفضلته، ومن المفترض

أنها تجلس في جناحه داخل قصره بغرض إمتاعه

فقط

وهذا ما يحبه في علاقته بها، أنها مختلفة، هي

ليست عشيقة يستطيع استبدالها عندما يشعر

بالملل، بل هي كيان أكثر رفعة عن غيره، لطالما 

كان متشوقا لامرأة تشاركه الحرب والقوة وليس

الحب فقط، هذا النوع من العلاقات هو ما يروقه 

لهذا لم يملك يوما جارية مفضلة أو عشيقة قريبة


لم تقترب أيهن منه كما فعلت هي 


فقط هي


بأكثر الطرق سلاسة، بأنقاها وأجملها، كانت له 

رفيقة يأنس لها ويشتاق لسماع كلماتها

الإمبراطور الذي لم يؤمن يوما بالحب، قد وجد

نفسه واقعا في أسمى أنواعه، وأرقى درجاته 


رفع يديه ليضعهما على وجهها ويرفعه بهدوء

فيتأملها بابتسامة خافتة جدا تكاد تلاحظ 

دليلا على مدى فخره ورضاه بعملها 


"دوما تثبتين أني قادر على الاعتماد عليك في

أي شيء، لم تخذليني يوما" 


قبل جبينها برقة ثم استلم جسدها في عناق 

قصير حرص فيه على عدم الضغط بقوة على

جراحها 

وبمعنى آخر


كان ذلك صلحا لطيفا يتلو شجار الأمس


يستلقي جنبا إلى جنب معها حيث تنام بهدوء

على ظهرها، فيما كان هو ينام على جانبه الأيمن 

ينظر إليها 


استمر بالنظر إليها للحظات طويلة ظنا منه أنها

نائمة، لكنها فتحت عينيها فجأة لتحرك رأسها 

بهدوء ناحيته وتنظر إلى وجهه فيبدو لها مجرد

كيان مظلم لأن الضوء خافت جدا ولا تستطيع

تمييز أي شيء بسببه 

التفتت على جانبها الأيسر لتصبح مقابلة له 

فابتسم هو قائلا


"ظننتك نائمة بالفعل، ألست متعبة؟" 


"لا أستطيع النوم قبلك مولاي" 

رفع حاجبيه محافظا على ابتسامته ليردف


"وكيف علمت أنني لست نائما؟" 


"من طريقة تنفسك وإيقاع نبضك" 


قهقه بهدوء ليمد يده ببطء رغبة في لمس

وجهها، لكنها اقتربت فجأة لتتوسد ذراعه 

المفرودة وتلتصق بجسده، جعله ذلك يتجمد

مندهشا فهو لم يعتد على أن تقترب منه 

بنفسها دون أن يطلب منها ذلك 

تشبثت بثوبه وأغلقت عينيها حيث كان وجهها

مقابلا لعنقه، تستنشق رائحة عطره بشكل أوضح

وأقوى 


وتستمع لصوت دقات قلبه وإيقاع تنفسه 


ظل يحدق في الفراغ لوهلة قبل أن ينفث 

ضحكة سريعة ويحيط جسدها بذراعيه 

ليعانقها ثم يقول 

"لم يسبق أن صدر منك تصرف مفاجئ

كهذا، فهل من سبب علي معرفته؟" 


إثر كلماته هي تذكرت ما حصل ليلة أمس

عندما رفضت إخباره عن مصدر حصولها 

على الألماس والفضة التي استخدمتها لصنع

سيفه، حينها غضب منها وطردها من جناحه 

لتحضر له إحدى الجواري 

عندما ذهبت إلى المسؤولة عن الجواري وأخبرتها

بأن تجهز للإمبراطور أجملهن، شعرت المسؤولة

بالدهشة ولم تكن تتوقع طلبه هذا


ومع ذلك أمرت بأن تحضر الجارية نفسها 

وسحبت معها روزي إلى زاوية بعيدة لتسألها 


"ماذا حصل هل تشاجرتما؟ كيف لك أن تتشاجري

مع الإمبراطور أيتها الحمقاء!؟" 


تحدثت المرأة بهمس وهي تنظر حولها بحذر

لتجيبها روزي بهدوء

"عذرا، لكن لا يحق لي إخبار أحد ب-" 


"لا أطلب منك اخباري بما حدث، استمعي إلي 

جيدا، وتذكري أنني أخبرك بهذا الكلام فقط لأنني

أثق بأنك أفضل من كل الجواري هنا، لا أريد من

الإمبراطور أن ينخدع بهن، لذلك اعملي جيدا 

بنصيحتي

اهتمي به جيدا، تقربي منه دون أن يطلب منك 

ودوما كوني بجانبه، انصحيه وكوني له عونا 

وسندا قائما لأجله، إياك ورفض طلباته وإن دعاك 

إلى سريره فلا تظهري له رفضك، هكذا تكسبين 

قلبه ويصبح خاتما في اصبعك، بدل أن يرسلك 

ويذلك أمام الجواري لتحضري له من تشاركه 

فراشه، والآن عودي إليه فورا ومهما كان سبب

شجاركما اعتذري له حتى إن لم يكن خطأك"

انتهت المرأة من كلامها وكانت تنتظر من روزي 

أن تنفذ وتذهب للاعتذار من جلالته 


لكنها لم تفعل، بل بدل ذلك هي سألت


"هل غرفتي القديمة ماتزال فارغة؟ "

صفعت المرأة جبينها لتتنهد بانزعاج وتحرك 

رأسها قبل أن تغادر دون إجابتها


بعد كل ما قالته لها، روزي لم تهتم ولم تبدو أنها 

سوف تنفذ أيا مما نصحتها به 

لكنها لم تعلم حجم التأثير الذي خلفه ذلك 

الكلام بداخلها 


هي ظلت تفكر به لمدة طويلة 


وطوال الوقت الذي استغرقته وهي تدعي 

النوم بجانبه، هي كانت تفكر في كلام رئيسة الجواري

كانت مترددة فيما إن كان عليها حقا فعل ذلك 

أم فقط الاستمرار بالتعامل معه ببرودها المعتاد

فهو يعلم أنها غير قادرة على مبادلته مشاعره 


لكن وبالتفكير في الأمر 


إلى أي حد قد يصبر على جمودها 

عقلها كان يعمل بطريقة مختلفة لأول مرة منذ

وقت طويل، تشعر بالتردد فيما إن كان لا بأس به 

أن تقترب منه الآن وتعانقه 


وفي النهاية هي فعلت ذلك 


وحينما مد ذراعه ناحيتها هي استغلت الفرصة 

وتحركت لتحشر نفسها في حضنه، مما جعل 

دقات قلبه تتتسارع بسبب حركتها المفاجئة 

وهي لاحظت ذلك فعلمت أن كلام تلك المرأة 

صحيح، حبه لها سوف يزداد أكثر ويتضاعف

إذا جعلته يعتقد أنها تبادله 


بعض الاهتمام والتقرب لن يضر


وبما أنه تساءل عن السبب وراء تغير تصرفاتها 

فهي لن تستطيع الإجابة بصدق هذه المرة 

"فقط.. أردت فعل ذلك" 


تمتمت 


ليضحك هو ويمرر أصابعه بين خصلات شعرها 

بلطف، واستمر الهدوء مغلفا هذه اللحظات حتى

نام هو أولا، ثم غفت هي على إيقاع أنفاسه

بعد عدة أيام 


أعلن الإمبراطور عن شنه الحرب على مملكة هان

بعد إلقائه القبض على عصابة من قطاع الطرق

التابعة لتلك المملكة، وتم الإعلان أيضا عن موعد 

بدأ الحرب وخروج الإمبراطور على رأس جيشه 

الأميرة آريس التي كانت طوال الوقت تتجسس

على ما يحدث وتلتقط المعلومات، سمعت بموعد 

خروج الإمبراطور وذهابه إلى الحرب، لذلك فكرت 

في أنه سيكون الوقت المناسب لترسل إلى والدها 

وتخبره أن يهاجم القصر أثناء غياب جلالته 

خادمتها الوفية كانت تقوم بإيصال رسائلها

إلى والدها الملك بسرية تامة 


لكن ما لم تكن تعلمه آريس، هو أن تلك الرسائل

تمر أولا على يد الإمبراطور قبل أن تصل إلى 

يد والدها 

طوال هذا الوقت هي كانت تحت مراقبته ولم 

يغفل عنها أبدا منذ أحضرها إلى القصر 


هي رهينة بعد كل شيء، ولم يحضرها لكي 

يكرمها ويعتني بها، بل ليقوم باستغلالها طبعا 


وصل اليوم الذي تقرر فيه خروج الإمبراطور 

لشن الحرب على إحدى الممالك البعيدة جهة الشمال 


وقد حصل أن غادر صباح ذلك اليوم تحت هتافات 

الشعب، بجانبه رئيس جيشه وبعض من أهم 

مستشاريه ورؤوس الحرب الذين يعتمد عليهم 

دوما، لكن أحدا لم يفتقد وجود امرأة بجواره 

مثل آخر مرة 

هو لم يأخذها معه بل تركها في القصر 


مر ذلك اليوم ببطء على الأميرة آريس التي 

كانت تنتظر حلول الظلام بسرعة لكي يحدث 

ما كانت تنتظره منذ وقت طويل 

غزو والدها لقصر امبراطور الصين، وإن نجح 

في فعل ذلك فسوف يخلد كأسطورة للثورة 

وعلامة على الانقلاب والتمرد 


حل الليل ولم يكن هناك أي شيء مريب 


الخدم قد خلدوا إلى غرفهم والحراس بدؤوا 

يتبادلون المناوبات الليلية 

كل شيء هادئ وبخير 


حتى ظهرت فجأة مجموعات متفرقة من الجنود

الثائرين الذين هاجموا القصر من مختلف الجهات 

واستطاعوا دخوله عبر الممرات السرية 


قاموا بقتل الحراس الذين استطاعوا غدرهم 

وتجاوزوا كل أساليب الحماية الخاصة بالقصر 

دخل الأمير زانغ وبجانبه والد آريس، الذي هرع 

للداخل يبحث عن ابنته 


وهي في ذات الوقت كانت قد جهزت نفسها 

للهرب ومعها خادمتها الوفية التي وعدتها 

بأن تأخذها معها عندما تهرب 

شعرت بالسعادة الغامرة عندما شاهدت خطيبها 

ووالدها يدخلان مع جنودهما متجاوزين أسوار

القصر وحراسه


بكت من شدة سعادتها وخرجت من الغرفة راكضة

للأسفل حيث سوف تلتقي بمن اشتاقت لهم

خادمتها قد لحقت بها أيضا لتنزلا الدرج بأقصى 

سرعة لديهما، ولم تجد الأميرة أنه من الغريب

عدم عثورها على أي حارس في طريقها أو خادم 

حتى، كل تفكيرها كان يدور حول لقائها المنتظر

وتحررها 

لكن الصدمة كانت عندما وقفت في تلك الساحة 


ليستقبلها الإمبراطور بابتسامة خبيثة بينما 

يضع السيف على رقبة والدها الذي يجثو 

أرضا على ركبتيه وملامح وجهه قد اكفهرت 

برعب 

بجانبه يجثو خطيبها أيضا وعلى رقبته سيف

المستشار الأول جونغكوك 


كانوا فقط يقفون منتظرين وصولها 


وعندما وصلت إليهم، ابتسم الإمبراطور ليرفع 

سيفه الألماسي عاليا، و يهوي به فوق رقبة والدها 

بلا أي تردد فيفصل رأسه عن جسده 

بالتزامن معه قام جونغكوك بفعل نفس الشيء 

وقتل خطيبها أمام عينيها جنبا إلى جنب مع 

والدها 


ظهر الرعب على ملامحها وكادت تنطلق صارخة

إليهم، لكن يدا قوية التفت على عنقها ووضعت 

السكين عليها لتكبح حركتها 

آريس لم تهتم لذلك واستمرت بالمقاومة والصراخ 

والبكاء محاولة الإفلات من قبضة روزي للوصول 

إلى جثة والدها، لكنها لم تقدر وفي النهاية ما كان 

بها إلا أن نظرت إليهما من بعيد وخارت أرضا 

تذرف دموعها وتندب حظها وتأكل نفسها بنار

الندم واللوم 

هي السبب في أنهما هنا الآن، هي التي قادتهما 

إلى مثواهما الأخير، كانت واثقة جدا أكثر من 

اللازم، في حين كان عليها الحذر من هذا الطاغية 

عديم الرحمة هو وأتباعه 


تركتها روزي لتنهار أرضا تشد بقبضتها على 

التراب وتنتحب بشكل يقطع القلوب، مسح 

الإمبراطور سيفه ونظفه من الدماء ليعيده 

إلى غمده ثم التفت نحو رجاله الذين كانوا 

يحاصرون جنود الملك مقطوع الرأس

أمرهم باقتياد الجميع إلى السجن السفلي 

حيث سوف يتم حبسهم وإهمالهم حتى يبلغهم 

الفناء من شدة الجوع والعطش والبرد 


بدأ الجميع بالتحرك مطيعين أوامره، وحين التفت 

بعينيه إلى الأميرة وجدها ترفع رأسها لتنظر إليه

بأعين حادة كنصل السيف بها لمعة نارية حارقة 

تكاد تخترقه 

ابتسم في وجهها ليستفزها بذلك ثم تحدث

مجددا بصوت مرتفع 


"علقوا رأسيهما على جانبي البوابة، واحرقوا هذه الجثث القذرة" 


حول نظره مجددا نحوها ليجد أنها خفضت 

رأسها بانكسار وأجهشت بالبكاء من جديد 

لكنه فهم تلك النظرة التي أبدتها منذ قليل 


تلك النظرة التي تنذر ببداية لقصة حقد طويلة 

هدفها الأول والأخير هو الانتقام 


حمل جسدها حارسان يسحبانها إلى حجرة

مختلفة عن التي كانت تقطن بها، حجرة ذات 

حراسة مشددة 

ثم اقترب هو من روزي ليحادثها 


"هل قتلتهم جميعا؟" 


أومأت برأسها بانحناءة صغيرة لتردف


"أجل مولاي، لقد كانوا يحاولون الدخول إلى 

مكتب جلالتك، أجهزت عليهم قبل أن ينجحوا" 

"جيد، والآن حان الوقت للخروج إلى الحرب 

الحقيقية، استعدي فأنت سترافقيننا" 


ربت على كتفها ليتجاوزها ويدلف القصر 


الخطة كانت بسيطة بالنسبة له، أن يتظاهر 

بخروجه إلى الحرب تاركا القصر بلا حماية 

حرص على أن يصل الخبر إلى الملك، فيشن 

هجومه على القصر ظنا منه أن الإمبراطور غير

موجود، لكنه في الواقع لم يبتعد بل أرسل 

جيشه مع قائدهم، بينما عاد هو أدراجه وتسلل 

إلى داخل القصر ينتظر هجومهم 

بينما ترك روزي داخل مكتبه لتحرص على ألا 

يقترب أحد من وثائقه السرية، لم يكن يثق 

بأحد غيرها لهذه المهمة 


وبعد أن تخلص أخيرا من هذين المتمردين 

أصبح قادرا على الخروج لإنهاء حربه مع 

تلك المملكة الصغيرة التي بدأت ترسل رسائل

استسلام وطلبات تفاوض سلمية 

جيمين كان يعلم أن هذا ما سوف يحصل 

لذلك أرسل جيشه أولا ليحاصر المملكة ثم 

خرج فجر ذلك اليوم ليلتقي بملكها ويتفاوض

معه، فإن قبل بشروطه سوف يتركه ملكا 

ويتولى ضمه إلى إمبراطوريته 

أما إذا رفض الشروط، فالجيش جاهز ليشن

هجومه بإشارة صغيرة من إصبعه 


وما كان على مملكة هان غير الرضوخ للشروط 

القاسية التي فرضت عليهم، كعقاب لتمرد ذاك

الشعب على أراضيه وسرقتها 

سكنت الرياح العاتية وجفت السماء من ثلوجها

معلنة انقضاء الشتاء وحلول الربيع بزهوره 

ونسيمه ودفئ أيامه 


استيقظ ليجدها متشبثة بأحضانه كما اعتاد 

مؤخرا، فابتسم وتمدد على ظهره ليمرر عينيه

في غرفته 

باب شرفته مفتوحة والستائر مرفوعة، لتسمح 

لضياء الشمس الدافئ بالدخول إلى غرفته 


الضوء الذهبي الذي يسقط على أثاثه المرصع 

بالجواهر فتتعاكس الأضواء بأرجاء الغرفة

وتصنع لوحة فاتنة جدا 

يتذكر أنه كان يكره فتح الستائر في الصباح 

لأن الضوء براق جدا، لكنها علمته كيف يحب

ذلك، حتى أنه قد أدمن الاستيقاظ على هذا

المشهد الخلاب كل صباح


وبما أنه استيقظ الأن فهو يعلم جيدا أنها 

مستيقظة أيضا، هي تنام بعده وتستفيق قبله 

عاد لينظر إليها ومرر إصبعه على طول جبينها 

وأنفها ثم شفتيها 


فتحت عينيها بشق صغير فقط لتظهر له أنها

مستيقظة فعلا، ثم عادت لإغلاقهما 


في عقلها هي لا ترغب في تشويه صباحه 

الجميل ببشاعة عينيها 

رغم رغبتها الملحة في فتحهما والنظر إليه 

لأنها تعلم كم أن الضوء ساطع في الصباح 

حينها ستكون قادرة على رؤية وجهه بشكل

أوضح قليلا 


هي فقط رغبة ملحة بداخلها، تريد رؤيته 

لسبب ما 


لكنها لم ترضخ يوما لرغباتها 


هي لا تعي أنها موجودة حتى، فقد كبحتها

لمدة طويلة، ولم تعد تهتم لها وتتجاهلها 

كثيرا لتصبح مجرد أفكار عابرة مهملة لا داعي لها

"افتحي عينيك أكثر، أريد رؤيتهما تحت ضوء الشمس" 


همس لها لترفرف جفنيها قليلا وتفتح عينيها 

ببطء امتثالا لطلباته، وفي داخلها هي لطالما 

تمنت أن يطلب منها ذلك 


انكس نور الشمس في مقلتيها ليصبح ذلك 

الغشاء الذي يغطيهما شفافا، يظهر خلفه 

بؤبؤ غامق اللون مغطى بطبقة ذهبية بسبب 

ضوء الشمس 

وبينما هو يتأمل عينيها 


هي كانت تتأمل وجهه في المقابل 


تراه بشكل أوضح لكن الضوء جعل بشرته 

تبدو ذهبية لامعة


استطاعت رؤية شكل شفتيه وتمييز لونهما 

لون عينيه وحاجبيه وشعره، لكنها لم تستطع 

تمييز لون الندبة الطويلة على خده، فقد كانت

تقريبا بنفس لون بشرته، لكنها تستطيع تمييز

ملمسها بدقة 


رفعت يدها بتردد ومررت أصبع سبابتها فوق

عينه لتحدد مكان الندبة، فلمستها برقة ليغلق

هو عينه، وصلت لنهاية الندبة أسفل وجنته

ففردت كفها وموضعتها على وجهه 

فتح عينيه لينظر داخل مقلتيه اللامعتين 

فيما استمرت هي بلمس وجهه بهدوء


"أستطيع رؤيتك قليلا.. قليلا فقط" 


تمتمت بصوت خافت بدا مشبعا برغبة خفية

تسعى لرؤيته أكثر وأكثر

تريد رؤيته بوضوح، رغم تلك الصورة التي

رسمتها له في عقلها إلا أن الرغبة في إبصار

وجهه الحقيقي مازالت تتملكها 


تلك الرغبة تزداد تدريجيا وتكبر كلما طالت

فترة بقائها معه 

ابتسم لكلماتها، فتمددت شفتاه وانكمشت

بشرة وجهه لتظهر له غمازة عميقة على جانب

وجهه، هي استطاعت تمييزها قليلا فوضعت

اصبعها فوقها ولمستها 


ظل مبتسما لأجلها وتركها تستكشف وجهه 

كما تشاء، في النهاية هو يجد ذلك لطيفا 

عندما تتسع عيناها البلوريتين بفضول وتبدأ

بلمسه برقة كما يفعل الأطفال 

لكنها هذه المرة فعلت ما لم يتوقعه 


وككل مرة تقوم بمفاجأته بأفعالها وحركاتها 

الجديدة التي لم تعتد على القيام بها 


تحرك رأسها لترتفع وتقترب منه، ثم وضعت

شفتيها فوق غمازته القريبة من شفتيه وقبلته 

ابتعدت وظلت تنظر إلى وجهه وكأنها تنتظر

أن يزول غشاء عينيها بعد حين فتستطيع 

رؤيته بشكل أوضح، لا تعلم لماذا بدت هذه 

الرغبة ملحة جدا بداخلها 


أمسك هو بوجهها ليقبلها بدوره، يسلب شفتيها 

ويقطع تحديقاتها 

فبدأت هي بمبادلته بعد حين، وبطريقة ما 

هو استوعب أخيرا أنها بدأت تتغير


تغير بطيء، لكنه موجود 


وهذا ضخ في كيانه أملا جديدا بأن حالها 

سوف تتحسن، وسوف تكن له المشاعر 

وتزداد رغبتها به. 

أما هي فقط أسدلت الستائر على مقلتيها لتقطع 

عنهما تلك الصورة المشوشة، واندمجت معه في

قبلته، دون شعور منها كانت تنساق خلفه، تبادله

أفعاله معتقدة أن لا ضرر من ذلك 


ودون أن تعلم أن هذه الأفعال هي ما يولد المشاعر 

هي ما يحرك القلوب 


هي ما يجعلها ترغب بالمزيد


بداية من رغبتها  في استعادة بصرها 


فقط من أجل رؤية وجهه. 




تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. اوني الحلقة تجنن أبدعتي بليز لاتتأخري بالحلقة 12 لوفييييوووو😭💕

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع