روزمين ♡الامبراطور♡ 12

القائمة الرئيسية

الصفحات

 (بعد ثلاثة أسابيع) 


"تذكر تدريبك، تنفس كما علمتك، أطفئ كل الأصوات

في عقلك، وفقط ركز على صوت الهدف، ثم أطلق" 


أنهت حديثها لتلتزم الصمت للحظات قبل أن ترفع 

يدها وتقوم بقرع الوعاء المعدني الذي تضعه

فوق رأسها لتصدر صوتا وصل لأذني تايهيونغ الذي

كان يقف على بعد أمتار منها، معصوب العينين

يمسك قوسا وسهما يصوبهما ناحيتها

وحالما سمع تلك الإشارة أفلت السهم بلا تردد 

ليخترق الوعاء فوق رأسها ويسقط أرضا


أزال عصابة عينيه بسرعة ليتأكد من أنه لم يخطئ

هدفه، ثم بدأ بالضحك القفز بسعادة لأنه نجح في

ذلك وأتقن الرماية العمياء خلال أسبوعين من التدريب

لم يكن ذلك صعبا كما كان يتوقع، في البداية هو كان 

يخطئ، ثم بدأ يركز أكثر وعندما استطاع إصابة الهدف


وضعت الهدف فوق رأسها وجعلته يرمي عليها، وقد 

كان قلقا بالفعل وقلقه لم يكن في محله فسرعان

ما تذكر أنها تستطيع صد السهم على كل حال، وحتى لو أصابها لن يؤذيها كثيرا

لذلك فقد كان الأمر أشبه بالتصويب على دمية 


"هل أنت فخور بهذا التقدم؟" 


"بالطبع أنا فخور جدا، في الواقع ظننت أنني سوف أحتاج

شهورا أخرى من التدريب حتى أتقن هذا، إنه أسهل مما 

توقعت" 

"بالفعل كنت لتحتاج عدة أشهر كي تتقن هذه المهارة 

لكن التدريب الذي مارسته في الأشهر الأخيرة هو ما 

جعل الأمر سهلا عليك، قدرتك العالية على التركيز 

ونجاحك في بلوغ أولى مستويات التأمل، كانت تمهيدا

للمهارات التي ستتعلمها بالمستقبل، أنت الآن تستطيع

إصابة هدفك في الظلام فقط من خلال الصوت"

كبح ابتسامته الواسعة وانحنى باحترام ليردف 


"الفضل يعود لك معلمتي.. "


التفتت لتسير عائدة إلى الداخل معلنة عن انتهاء 

تدريب اليوم الذي دام طوال فترة الصباح، فرفع

تايهيونغ يديه عاليا ليمدد عضلاته، وأثناء ذلك 

التقت عيناه صدفة بخاصة الأمير الذي كان يقف

بشرفة القصر يراقب بصمت

توقف تايهيونغ لينحني له وعندما استقام لم يجده 

هناك ففرك عنقه باستغراب لتلك النظرات التي كان

الأمير يرمقه بها 


لا يعلم منذ متى وهو يقف هناك ويراقب، لكنه لاحظ

مؤخرا أن الأمير ينظر إليه بطريقة غريبة، أو ربما تلك 

هي نظراته المعتادة التي يرمق بها الجميع، وهي باردة

ولها هالة مظلمة وخبيثة 

هو لا يعلم السبب خلف ذلك، فالأمير ورغم مرور أسابيع

على وصوله، يبدو صامتا جدا وهادئا، ورغم ذلك يظل

مخيفا بصمته، حتى كبارا الوزراء الذين يكرهونه 

لا يستطيعون النظر في عينيه، تلك الرهبة القاتلة 

بهما تخرس الجميع، وهذا شيء يشابه به أخاه 

فتح الحراس باب جناح الأمير ليخطوا خارجه فيتنهد 

عندما يرى روزي تقف هناك تنحني له 


لقد بدأت باللحاق به وحراسته منذ وصوله بأمر من 

الإمبراطور، وكم استغرب ذلك عندما 

وجدها تسير خلفه، واعتقد في البداية أنها مجرد 

مزحة عندما أخبرته انها مكلفة بحمايته

فهو قد سمع عن كونها عشيقة أخيه، وكما هو متعارف 

عليه في القوانين الملكية فإن مفضلة الحاكم تعامل

كالأميرة، وليس كالحارسة الخاصة 


لكنه دهش حينما أكد له الإمبراطور أنها ليست مجرد 

عشيقة وهي لا تندرج تحت ذلك المسمى بمفهومه

التقليدي، وشرح له كيف أصبح يعتمد عليها في أمور أخرى 

كما يفعل الآن 


تايهيون قد ظل صامتا في حضرة أخيه، وانحنى مدعيا 

تقبله لكلام الأكبر، لكن بداخله.. هو كان يشعر بالإهانة 


ومع الأيام اكتشف أنها تقوم بتدريب أحد جنود القصر 

فبدأ يراقبهما خفية، يستمع لدروسها ويرى كيف أن 

تايهيونغ يطيعها ويفعل كل ما تقوله ويأخذ كل كلامها

الغريب على محمل الجد 


مما جعله يفكر بكمية السخافة التي تتفوه بها تلك 

المرأة العمياء، بل وبدأ يفكر في كيف أن أخاه أيضا 

يصدق كلامها 

مع أنه يعترف بقوتها وقدراتها القتالية، إلا أن فكرة 

كونها امرأة، تزعجه بشدة فلا يقدر على تقبلها 


لكن ما جعله ينزعج أكثر هو قيامها باختيار الأشخاص

الذين يحرسونه، وتايهيونغ كان واحدا منهم، بل هو كان 

على رأسهم 

وهو لا يطيق تايهيونغ 


مضت 3 أسابيع على وصوله وها هو ذا يشعر بالغضب

من كل شيء، يكره كل شيء وكل شخص


حتى أخاه 


لا يشعر بأي رابط بينهما، وذلك الحب الذي يتحدث 

عنه جيمين دائما، ذلك اللمعان في عينيه عندما 

يخبره بكم هو فخور به وكم هو سعيد بعودته 

مهما حاول الشعور بالمثل، يجد نفسه فارغا، كل 

ما يخالجه هو الغضب فقط والرغبة في الإبتعاد 


٠

٠

٠


تركت الحراس يلحقون بالأمير إلى ساحة التدريب 

ليمارس روتينيه اليومي الذي وضعته له 

بنفسها، حيث يتدرب عدة ساعات بالسيف والرماية 

وغيرها من الفنون التي أخبرها الإمبراطور أن على

تاي تقويتها، مع أنه كان يتدرب في المنفى، إلا أن

جيمين يرى أن قدراته ضعيفة بالنسبة لشخص 

بمثل عمره 

اتجهت إلى جناح جيمين بعد أن قام باستدعائها 

لتدخل وتجده يقف ومعه طبيب القصر مين يونقي 


وهناك حيث تأكدت، أنه لم يكن يصدق أيا من الأكاذيب

التي حكتها له بخصوص عينيها وعدم توفر طريقة لعلاجهما

ها هو ذا يقف منتظرا إياها ليتأكد بنفسه أن لا طريقة 

لاستعادة بصرها 


وهي لا تملك حق الرفض 


لذلك جلست بهدوء وتركت الطبيب يفحص عينيها 


"رجاء أبقي عينيك مفتوحتين لأطول مدة ممكنة" 

فتحت عينيها لتنعكس أشعة الشمس عليهما مباشرة 

نظرا لجلوسها قرب النافذة 


وبعد مدة بدأت الدموع تجتمع بهما مشكلة خطا رفيعا 

ازداد تدريجيا حتى نزلت المياه المالحة على خديها دون أن 

تبدي هي أية تعابير 

قطب الطبيب متسائلا "هل تشعرين بالألم في عينيك؟"


"لا"


أجابت ببساطة لينظر هو إلى الإمبراطور قبل أن 

يدون شيئا على أوراقه ويخبرها أن تغلق عينيها 

وتجفف دموعها التي نزلت لأول مرة منذ سنوات

لكن الأمر يختلف الآن، فآخر مرة بكت بها، كانت 

في فترة طفولتها، حيث بكت بسبب الألم، لكنها 

الآن لا تبكي، لم تعد تشعر بذلك الألم في قلبها 

والذي يحفز دموعها، قلبها قد تجمد بقسوة 


"العين جزء حساس جدا اتجاه الهواء والضوء، لهذا

ستلاحظين أن عينيك ستذرفان الدموع اذا أطلت فتحهما 

وهذا يدل على أنهما ماتزالان تعملان، أي أنك لست 

عمياء بالكامل، بل هناك غشاء ثقيل يمنعك من الرؤية

وهذا يختلف عن العمى الكامل حيث لا تبصر العين أي شيء

مما يعني أن العلاج ممكن"


رفع جيمين حاجبيه ونظر إليها بسرعة قبل أن يعيد

انتباهه إلى الطبيب ليسأل


"تستطيع علاج عينيها؟"


"بالطبع مولاي، إنه عمى مؤقت، ينتج أحيانا بسبب

البكاء بكثرة وهو شائع لدى كبار السن أيضا، لكن 

بالنسبة لها، فهو قد حدث بسبب سم يستخرج من 

النباتات، هو عادة ما يقوم بحرق غشاء العين فتنصهر

ويصاب الشخص بالعمى المطلق، وفي حالات نادرة جدا

كهذه، يبقى الشخص قادرا على الرؤية إذا تم علاجه"

هدأت ملامح الإمبراطور ولم تسمع هي منه شيئا سوى

تنهيدة عميقة، تبعها بقوله


"حسنا، ابدأ بعلاجها إذا وكن حذرا في ذلك"


"لا تقلق مولاي، صحيح أنها حالة نادرة لكن سبق أن 

رأيت مثلها من قبل وقد عالجتها باستخدام-"

"يكفي أيها الطبيب، يمكنك المغادرة"


قاطع ثرثرته المعتادة ليزم الآخر شفتيه ويجمع أغراضه 

ثم ينحني قبل أن يغادر


تقدم ناحيتها لتقف هي أمامه فتمر لحظة من الصمت 

كان فيها يتأمل وجهها بملامح غريبة، مختلطة بين 

خيبة الأمل والغضب، لكنه رغم ذلك كبح شعوره 

ليتحدث بنبرة هادئة


"ما معنى ذلك؟ "


"لقد كذبت" 

بصوت منخفض أجابت


"أعلم، لكنني لا أفهم لماذا.." 

ساد الصمت مجددا ليزفر بهدوء ويتقدم خطوتين منها 

وضع أصابعه تحت ذقنها ليرفع بها رأسها وينظر إليها 

عن قرب، قبل أن يكمل بصوت رقيق 


"ألم تقولي أنك راغبة برؤيتي؟" 


ارتفعت جفونها قليلا لتكشف عن عينيها 

"أستطيع تخيلك" 



"أريد منك رؤيتي"




"ألم يعد اللمس كافيا؟" 




"لا، ليس كافيا، لم يكن يوما كافيا" 


ابتلعت ريقها لتغلق عينيها وتتنهد قائلة

"ليست فكرة جيدة، صدقني، أنا لن أكذب عليك لو 

لم أمتلك سببا"


"ما هو.. ما هذا السبب الذي يجعلك تفضلين العيش

بدون عينيك" 

"مهاراتي القتالية سوف تتدنى، قد أخسر نصفها 

وسيكون كل شيء غريبا علي، قضيت حياتي كلها

عمياء حتى نسيت كيف يبدو العالم وما هي ألوانه. 

أشعر بالسلام هكذا، أرجوك ألا تجبرني على التغيير"


أشاح نظره لوهلة وصمت، فأكملت 

"ثم إن إعجابك بي سوف يتلاشى ما إن تقل 

مهاراتي، ولم أعود عليك بالفائدة، سأصبح فاشلة 

في كل شيء"


"هل أنت جادة الآن؟ تظنين أنك هنا فقط 

بسبب مهاراتك القتالية!؟ لو كان الأمر كذلك فـحري

بي أن أعاشر قائد جيشي فهو أيضا يملك مهارات 

قتال خيالية" 

ضحكت فجأة لتغطي فمها بسرعة وتخفص رأسها

لتمنع نفسها لكنها ظلت مبتسمة تسند جبينها على صدره 


بينما تجمد هو غير مصدق لما حدث للتو، فتلك كانت 

أول مرة يراها تضحك، أول مرة على الإطلاق 

مع أنها كانت تبتسم قليلا من حين لآخر، ابتسامة

صغيرة غالبا ما تبدو مزيفة باردة، إلا أنها هذه المرة

قد ضحكت بصدق 


أطلق نفسا متقطعا وشعر بقلبه ينبض بقوة، لعله كاد 

يقتنع بكلامها قبل قليل وكان سيتخلى عن فكرة معالجة عينيها 

لكن الشعور الذي غمره في هذه اللحظة قد غسل 

تردده بعيدا، هو يريد رؤيتها تضحك أكثر، يريدها

أن تشعر بالسعادة دون أن تخاف من أي شيء 


يعلم أن هناك سببا أكبر من مجرد خوفها من فقدان 

قدراتها، لكنه لا يهتم فبداخله هو سيبقى مصرا على

إعادة بصرها لها، كما يعلم أيضا أنها راغبة بذلك 

وخوفها هو ما يمنعها 


"أنا ملك لك، افعل بي ما تشاء" 


تحدثت بصوت منخفض، راضخة لرغباته كعادتها


فالمعبد قد أمرها بإطاعة أوامره، حتى إذا أراد قتلها 

هي ستنحني له وتسلمه السيف ليقطع رأسها 

وهو إن أراد إعادة بصرها ما عليها سوى الموافقة




٠

٠

٠

٠

٠

٠

٠

٠

٠

بالعودة إلى ساحة التدريب 


كان الأمير يتصبب عرقا وهو يحمل سيفه ويقاتل به 

أحد الجنود، قد استمر بالتدريب لساعات دون تذمر


فهو يجد به الراحة حيث يتسنى له إخراج غضبه 

والتنفيس عنه، خصوصا اذا انتهى النزال بفوزه

هاجم خصمه بقوة واستخدم قدمه ليسحب قدم 

الآخر بشكل مفاجئ فيفقد تركيزه مما أتاح له 

التغلب عليه وطرحه أرضا واضعا السيف على رقبته 


"أنت سادس شخص أهزمه اليوم، بدأت أفكر أن الإمبراطور

لا يملك جنودا أقوياء قادرين على مواجهتي، ياللخيبة" 

أنهى كلامه ليضغط على عنق الآخر بسيفه ويصنع 

به جرحا كبيرا كما فعل مع باقي خصومه الذين هزمهم


هو يترك عليهم علامة بسيفه 


ابتسم بسخرية والتفت لتلتقي عيناه بعيني تايهيونغ 

الذي كان يراقبه و يرمقه بنظرات غير راضية 

اضمحلت ابتسامته وتصاعد الغيظ إلى رأسه ليشير

ناحيته بسيفه قائلا


"أنت! تقدم وعرف عن نفسك" 


تنهد تايهيونغ لينفذ أمره، وحينما فعل ذلك رأى

السيف يسقط عند قدميه فرفع ناظريه إلى الأمير

"رأيتك تتدرب مع تلك المرأة الغريبة، لنرى إلى أي

مدى أجادت العمياء تعليمك" 


حمل تايهيونغ السيف واقترب ليدخل ميدان النزال

دون أن يبعد عينيه عن الأصغر الذي يبادله نفس 

النظرات الحادة 

بدأ الأصغر بالهجوم أولا، بينما بقي تايهيونغ يصد

ضرباته فقط ويتحاشاه حتى يعاين قوته أولا 


نفس أسلوب روزي في المبارزة، الملاحظة أولا

وبعدها يأتي الهجوم المفاجئ الذي يربك الخصم 

ويتعبه، وبالنهاية تكون الضربة القاتلة من نصيبك

الأمير كان قويا، لكنه مجرد مراهق في طور النمو

ومهما تدرب يظل أضعف من تايهيونغ، والذي كان 

واحدا من أقوى الجنود حتى قبل أن يبدأ التدرب

مع روزي، كان من المفضلين لدى الملازم هوسوك 

بغض النظر عن شخصيته اللطيفة، هو شخص قوي

وذكي يجيد الاستفادة من خبرات غيره 

اتسعت عينا الأمير عندما اندفع الأكبر فجأة لمهاجمته 


فقد كان يكتفي بالدفاع فقط وهذا جعل تايهيون 

يعتقد أنه سيفوز حتما في هذا النزال، كان واثقا من 

نفسه، غروره وغيرته أعمته عن الحقيقة، فانتهى

الأمر بسيفه مرميا بعيدا، وسيف تايهيونغ على رقبته 




تعليقات

التنقل السريع