رواية تايني♡صغيرتي♡ 6

القائمة الرئيسية

الصفحات

اليومُ المُنتظر بالنسبة لي...لم استطع النوم جيداً فكنتُ طوال الوقت أفكر بهذا اليوم ومالذي سيحدث عند لقاء جيني بعائلتي...والداي قد تفهما الوضع جيداً ولكن لا أعلم لِمَ أنا متوتر! ربما جيني ستشعر بالخوف أو عدم الراحة! فهي ليست معتادة على التجمعات العائلية منذ أنها حتى عائلتها لا تشاركهم أوقات الطعام بما يتعلق بعائلتي فأنا مرتاحٌ كلياً لأنني اعرفهم جيداً ولم يسبق لهم وأن فعلوا أي شيءٍ يزعج الطرف الآخر لا بأقوال ولا بأفعال....فوالدي حريصٌ جداً على سمعته ولايتفوه سوى بما هو سليم بينما أمي كذلك ليست من النوع المغتر بنفسه أبداً فعلى الرغم من امتلاكها كل شيء إلا أنني لا أراها تخرج للعلن وبكامل أصابع يدها خواتم ذهبية ولا تضع عشرون سواراً من الألماس فقط لكي تثبت أنها من الأثرياء...هي بالنسبة لي مثالاً للتواضع والرقي في الوقت ذاته شقيقي الذي يصغرني بثلاث سنوات يتسم بالهدوء والحذر....عند الحديث معه أشعر وكأنه الأكبر بسبب أسلوبه في الكلام وانتقائه للكلمات بشكلٍ مثالي...لقد اعتدتُ أن أذهب معه كل يوم جمعة لدار الأيتام للتطوع هناك والقيام بالعديد من الأنشطة مع الأطفال ولكن بعد أن أصبحت أعمل صار من الصعب علي الذهاب إلى هناك صباح الجمعة فاكتفي بإرسال الهدايا مع أخي الذي بقي مواظباً على الذهاب إلى هناك حتى حيننا هذا أما أختي الصغرى ذات العشرة أعوام فهي في قمة اللطف...لم تشهد وضع العائلة السابق منذ أنها وُلِدت بعد أن أصبحت العائلة من الطبقة الراقية ولكنني لم أرها يوماً تتصرف كالأطفال المدللين الذين يتفاخرون بمال أسرهم....هي مكتفيةٌ بذاتها وبمواهبها حيث تقضي معظم وقتها في المرسم الخاص بها في المنزل لتعمل على لوحات جديدة بالنسبة لوضعنا المادي فقد كنا كأي أسرة عادية وظيفة أبي لم تكن مثالية ولا يحصل منها على الكثير إلا أنه كان مجدٌ ومتفانٍ في عمله،يحبه ولايعود للمنزل إلا وقد انجزه كله...أمي لم تكن تعمل بل كرست وقتها كله بالإعتناء بنا أنا وشقيقي الأصغر...بدأ كل شيء عندما استأجر أبي محلاً صغيراً واصبح يعمل فيه بمجال الإعلانات والتسويق...كان يروج للبضائع الخاصة بالمتاجر الصغيرة ويصمم اعلانات للمنتجات الغذائية...كل شيء كان بسيطاً في بادئ الأمر حتى بدأ مشروع والدي الصغير بالتوسع أكثر...أصبح يتلقى العديد من الطلبات من قبل الشركات الكبرى بسبب جودة عمله واتقانه التصميم...والدي كان ذكياً بحسن تصرفه بالأموال التي بات يحصل عليها فأنشأ شركةً خاصةً به للإعلانات والتسويق...واليوم شركة أبي هي من إحدى أكبر الشركات في البلاد ناهيك عن افرعها في مناطق أخرى باستثماره الناجح ركنتُ سيارتي في المكان المخصص لها لأترجل منها واتجه نحو الجانب الآخر لأفتح الباب لجيني التي كانت هادئة طوال الوقت ولم تتحدث معي قط منذ أن أخذتها من منزلها وصولاً إلى منزل عائلتي كانت تكتفي بالنظر من خلال النافذة ويبدو بأنها مستمتعة بذلك فلهذا لم أكن أرغب بفتح أي موضوعٍ معها...ربما هي لاتخرج كثيراً فمن الرائع لو تركتها تستمتع باللحظة قدر المستطاع كم كنت متشوقاً لرؤيتها بالفستان السماوي الذي قمت بشرائه لها إلا أنها كانت ترتدي معطفاً طويلاً فوقه فلم يتسنى لي رؤية أي شيء عدا ملامح وجهها الجميلة وابتسامتها الطفولية.. توقفت مكانها لترفع رأسها للأعلى إلى حيث ارتفاع المنزل بينما تبدو منبهرة من ما تراه...فبقيت عينيها تتجول هنا وهناك حتى وقع بصرها على الحديقة الجانبية الصغيرة ومشتل الأزهار الخاص بشقيقي الأصغر...أشارت على الزهور من بعيد بحركةٍ طفولية أسرت قلبي وهي تقول "جيني تريد رؤية الزهور" استطيع أن أرى بوضوح لمعة عينيها السعيدة بمجرد رؤيتها للزهور إلا أنني امسكت بكف يدها وقدتها إلى الباب الرئيسي للمنزل وأنا أقول "سأدعكِ ترينها لاحقاً عندما نخرج....الجميع بانتظارنا في الداخل" لم تُبدِ هي أي رد فعلٍ على ماقلته حتى أنها لم تعبس أبداً بل اكتفت بالنظر للخلف بين الحين والآخر وهي متلهفةٌ لرؤية الزهور وقبل أن أقوم بفتح الباب كانت والدتي قد فتحته بالفعل عندما رأتنا بواسطة الكاميرا...ابتسمت باشراق قبل أن تعانقني بقوة وهي تقول بعتاب "اصبحت رؤيتك شبه مستحيلة هذه الأيام...ايأخذك العمل منا! منذ أن ذهبت لتسكن خارج المنزل ووضعك لم يعد يعجبني...حتى موضوعك المهم قمت بفتحه مع والدك عن طريق اتصالٍ بسيط لدقائق معدودة...أنا حقاً...." قاطعتها على الفور لأنه على مايبدو بأن عتابها سيكون طويلاً...تنحيتُ جانباً حتى يمكنها رؤية جيني التي تقف خلفي شاردة الذهن بينما أقول وأنا أشير عليها "هذه هي جيني التي اخبرتكم عنها" ولم تلبث سوى أن عانقت الصغيرة بقوة كذلك وهي تقول "كم كنا متحمسين لرؤيتكِ عزيزتي جيني...آمل أن تستمتعِ معنا الليلة" "يا ليندا! اهكذا ترحبين بهم دون ادخالهم للمنزل!" يقول أبي بنفاذ صبر بعد أن بقيت أمي ترحب بنا على طريقتها الخاصة والذي يبدو بأن هذا الترحيب لن ينتهِ أبداً....جيني عقدت حاجبيها قليلاً بانزعاج لأدرك بأنها تكره العناق في حين أن والدتي اعتصرتها بين ذراعيها بقوة "هيا تعاليا للداخل فالعشاء قد جهز للتو" تقهقه أمي بإحراج قبل أن تقول جملتها هذه وندخل أنا وجيني خلفها....هكذا هي طبيعة أمي ولا اعتقد بأنها ستتغير...منذ أن ذهبت لأسكن خارج المنزل وهي تعاملني كما لو أنني ضيفٌ غريب...ترحب بي بحرارة وتعد مختلف أنواع الطعام كما لو أننا في وليمة....وعندما آتي إلى هنا تُشعرني أنني لم آتِ منذ قرن كنتُ أقف مع جيني في مقدمة غرفة المعيشة أمام المرآة الطويلة اساعدها بفتح أزرار معطفها الطويل حتى أقوم بتعليقه جانباً...مع انشغالي بفتح الأزرار عيناي لم تكن تفارق وجهها لعل وعسى أن أحصل منها على نظرةٍ واحدة إلا أنها كالعادة كانت تنظر للجانب بشرود انتهيت أخيراً لأساعدها بخلعه واعلقه جانباً ثم امتع عيناي برؤية جمالها الأخاذ بذلك الفستان السماوي الراقي الذي يليق بجسدها المثالي ويلائم بشرتها البيضاء ومن تلقاء نفسها قامت بخلع القبعة الصوفية من على رأسها وتفك شعرها الطويل لينسدل على كتفيها بكل مثالية وهنا أنا واجهت صعوبة بالتنفس....اللهي ماكل هذا الجمال! سمعت احدهم يحمحم خلفي لأعود إلى وعيي واستدير للخلف لأجد شقيقي رولاند الذي ينظر لي من الجانب بينما يقول بنبرةٍ جدية "حاول السيطرة على نفسك...فهنا شخصٌ يخصك الليلة...والدي حضر لك مفاجأة من العيار الثقيل" "ماذا تعني؟" قلت بعدم فهم ليتجاهل هو سؤالي ويتقدم نحو جيني قائلاً "رأيتها من خلال الكاميرا وهي تُشير على المشتل والزهور....هل اعجبتكِ الزهور في الخارج عزيزتي جيني؟" حينها رفعت رأسها على الفور لتنظر مباشرة إلى رولاند بينما تقول "جيني أحبت الزهور" وحرفياً لا أعلم ماذا أقول سوى أنني كنت مصدوماً! فلطالما كنت أريدها أن تنظر لي بهذه النظرة...أن تلتقِ عيناها بخاصتي ولو لمرة!! والآن وبعد محاولات عديدة مني أرى اتصالاً بصرياً بينها وبين شقيقي الذي رأته تواً! والسبب هو الزهور! لن أكذب بقول ماأشعر به أبداً........الغيرة قد سيطرت علي "سأحرص على أن آخذكِ في جولة لاحقاً...ويمكنك رؤية كل الزهور" قالها لها بالمقابل بابتسامة عريضة....رولاند يستطيع جذب أي شخصٍ يريده بسبب أسلوبه في الكلام وعباراته التي ينتقيها بكل مثالية....لم يكن من الصعب عليه أن يحصل على انتباه جيني حتى! "جيني تشكرك" قالت بصوتها الرقيق ونبرتها الطفولية لأشعر بأنني أريد أن اخبئها بداخلي في حين أن رولاند كذلك كان ذائباً في مكانه بسبب طريقة كلامها اللطيفة لم يتسنى لنا الجلوس للحصول على حديثٍ عائلي كون أمي والعاملات قد حضرا طاولة العشاء على الفور والتي كالعادة تكون مليئة بمختلف الأطباق اللذيذة التي احبها اتجه الجميع نحو الطاولة وكل واحدٍ منهم أخذ مقعده في حين أنني حرصت على أن تكون جيني بجانبي لأساعدها في تناول طعامها....ولكن استطعت ملاحظة ذلك المقعد الفارغ الذي بجانب والدتي لأقول محتاراً "لمن هذا الكرسي! هل تنتظرون قدوم شخصٍ ما!" حينها رمقت أمي أبي بنظرةٍ تدل على عدم الرضا وكأنها تنتظر منه الإجابة ليتنهد هو بالمقابل قبل أن يقول "شعرتُ أنه من غير العدل أن ندعوك على العشاء دون وجود خطيبتك فرانسيا"

تعليقات

التنقل السريع