روزمين ♡الامبراطور♡ 15

القائمة الرئيسية

الصفحات

 جميل جدا 


ذاك أول ما خطر ببالها عندما رأته، وظلت تنظر إليه 

مطولا، تمرر عينيها على تفاصيله، تقارن صورته الحقيقية

بتلك الخيالية التي صنعتها له 


وكم كان الاختلاف كبيرا، فخيالها العقيم ما كان أبدا 

لينجح في نسج جماله 

اتسعت ابتسامته لتضيق عيناه، وتظهر تلك الحفرة على

جانب شفتيه لتجذب انتباهها، فرفعت يدها إلى خده 

ولمستها بلطف 


ولم تتوقف بعدها، بل رفعت يدها الأخرى لتضعها على

خده الآخر لتلمسه برفق وبشكل سطحي خشية أن تكون

يداها خشنتين جدا فتزعجانه 

واستمرت تنظر إليه، تنظر إليه وحده 


كأن لا شيء حولها غيره، كأن الغرفة بكل كنوزها تلاشت 

ولم يبقى سواه 


فتلك الأعين قد تخلت عن بياضها لتبصره وحده 

لكنها كانت تعلم، أن ذلك خطأ، وسوف يأتي يوم تعاقب 

عليه، ومع ذلك هي أرادت رؤيته، وليذهب كل شيء آخر

إلى الجحيم، لأنها سوف تراه وإن كانت نهاية العالم هي

الشيء التالي الذي سيحدث، هي سوف ترى وجهه أولا 

اتسعت عيناها فجأة ليخرج الاثنان من حالمية اللحظة 

عندما دفعته جانبا بقوة، وبسرعة كبيرة فردت ذراعها 

أمامه لينغرس بها ذاك السهم الذي ظهر من العدم 


وقفت أمامه تغطيه بجسدها وقد عادت لإغلاق عينيها 

لتتخذ وضعية الدفاع محاولة حماية جيمين، دون أن 

تلتفت إلى جرح ذراعها ولا إلى السهم الذي ما زال مغروسا بها

لكن جيمين لم يكن سيقف مكانه ويتركها تحميه بل

سحبها فورا الى خارج الغرفة وهو يمسك سيفه ثم أمر

الجنود بالانتشار في الحديقة المقابلة لغرفته وتغطية 

المساحة التي أطلق منها السهم بحثا عن الفاعل 


أخرجت هي السهم من ذراعها وتلمست تلك النقاط البارزة

على طرفه لقراءة الرسالة المشفرة به، والتي لطالما

استخدمتها للتواصل مع جواسيس المعبد الذين يراقبون 

القصر في كل مكان

مهمتهم هي مساعدتها وهم يمثلون حبل التواصل بينها

وبين المعبد، يتجسسون عليها ولأجلها، لكن ولاءهم الأول

والأخير للمعبد


بعد دقائق من ذلك كان يونقي قد حضر بأقصى سرعة ليعتني بجرحها

جلست بهدوء بينما كان الطبيب يتفقد جرحها ويعالجه 

دون أن تظهر هي أية تعابير متألمة، كانت صامتة فقط 

مغلقة العينين، فيما كان جيمين خارجا مع حراسه 

للبحث عن الذي رمى السهم 

وبالطبع لم يعثروا عن أي أثر له 


حل الظلام بعدها بدقائق وعاد الإمبراطور للداخل يأمر

بتشديد الحراسة أكثر وأكثر، إنها ثاني مرة يحاول فيها 

أحدهم قتله بالسهم وثاني مرة تقوم هي بحمايته 

هذا ما ظنه على كل حال، لكن الحقيقة هي أن السهم 

مجرد رسالة، وهو لم يطلق عليه رغبة في إيذائه فهم 

يعلمون أنها سوف تحميه، ولا يهم إذا تأذت هي فذلك 

لا يعتبر إلا جرحا بسيطا مقابل كل ما مرت به 


ولج غرفته ليجدها تقف منتظرة إياه فانحنت له بهدوء

كأن شيئا لم يحدث، وهو اقترب منها سريعا يتفحص 

ذراعها ليجدها ملفوفة بالضماد والدماء ماتزال عالقة على 

ثيابها 

"أنت بخير؟ كيف تشعرين؟" 


وضع يده على جانب وجهها لتبتسم وتفتح عينيها 

ببطء لتنظر إليه وتجيب


"أنا بخير، لا أشعر بالألم" 


هو يعلم ذلك بالفعل، يعلم أنها لا تشعر بالألم، لكنه قلق

جدا، لا يعلم سبب قلقه بالتحديد، لكن هذا الهجوم الغريب

لا يبشر بالخير 

ركزت عينيها على شفتيه اللتان بدأتا بالاقتراب من جبينها

وراقبتهما حتى أصبحت غير قادرة على رؤيتهما، وشعرت

بملمسهما الرقيق على بشرتها وبقبلة دافئة تحط عليها 


وعقب ذلك يغمرها شعور غريب، أو بالأحرى جديد نسبيا

مثل موجة مياه دافئة تغسل جسدها بداية من المكان 

الذي حطت عليه شفتاه ومرورا بكل كيانها، يعطيها 

شعورا بالألفة، يستهدف قلبها الذي اعتاد على الركود

فيعصف بنبضه ويعبث به 


وبلا شعور هي رفعت يداها وتشبثت بثيابه لتضع رأسها 

على صدره وتغلق عيناها غارقة أكثر في عمق اللحظة 

لتعيش هذا الشعور بكل تفاصيله

ومع أنه لن يفهم لما تعانقه الآن إلا أنه أحاط جسدها 

ووضع إحدى يديه على رأسها، بينما كانت هي تخبره

بشكل غير واضح، أنها للتو قد اختارته هو وأدارت ظهرها

لتعليمات المعبد وقوانينه 


أمسك كتفيها ليبعدها عن صدره قليلا بينما يبتسم ليقول 

"ألا تريدين رؤية نفسك الآن؟" 


"ما الغاية من النظر الى نفسي وقد استعدت بصري

فقط للنظر إليك" 


ضحك بصوت مرتفع ليقلبها ناحية المرآة فأغلقت عينيها 

وهو نظر إلى انعكاسهما معا وهو يقف خلفها يضع يديه 

على كتفيها قائلا 

"لن تخدعيني بهذا الكلام الحلو، افتحي عينيك، أريدك 

أن تبصري كل شيء" 


ولم يكن منها إلا أن ترضخ لإلحاحه رغم عدم رغبتها 

برؤية نفسها، حتى الآن هي لم تنظر إلى شيء أو شخص

آخر غيره ولم تكن لتفعل لو لم يجبرها، تشعر بالاكتفاء فقط بالنظر اليه 

"افتحي عينيك" 


هو قال، وهي فعلت


رفعت عينيها على طول ذلك الفستان الأبيض الذي 

ترتديه، بقماشه الحريري وزينة زرقاء تتخلله، يعانق

جسدها بمثالية، رأت القلادة التي ترتديها والتي كانت

من تصميمه كباقي مجوهراتها، ثم رفعت عينيها أكثر لتبصر وجهها 

ولم تعلم كيف تصف نفسها، هل تستحق أن توصف 

بالجميلة مثلما وصفته هو بكل ثقة؟ لا تظن ذلك 


لكنها مقبولة على كل حال، ليست قبيحة جدا وكانت 

لتستاء لو كانت كذلك فهو يستحق أفضل منها بكثير


عبر السنوات التي قضتها في المعبد لم يصف أحد شكلها 

الخارجي لها، كل ما كان يهم هو القدرات لذلك تعلمت 

أن تبقي صورتها الخيالية عن نفسها شديدة التواضع 

للحد الذي فكرت فيه بأنها بشعة، على الأقل عيناها قد

تكونان كذلك 

لكنها فعلا تفاجأت من وصفه لها بالجمال فور رؤيته لها 

مع أنها لم تكن مهتمة كثيرا حينئذ، إلا أن رأيه أصبح مهما

جدا الأن، وهي تقدره وتعتز به 


الإمبراطور يظن أنها جميلة 

"جميلة" 


همس مقبلا وجنتها وهي تنظر إليه عبر المرآة بينما يفعل 


"انتظري قليلا" 


تحدث بعدها وابتعد ليسير باتجاه خزانة تقبع في الطرف

الآخر من الغرفة، وهي أدارت رأسها لتتبعه بعينيها 

لكنه كلما تحرك أبعد كلما أصبحت رؤيتها له أقل، كلما

زادت المسافة كلما قلت قدرتها على الابصار 


لذلك أعادت النظر إلى الأمام وأغلقت عينيها لتريحهما 

فهما لم تتعافيا بعد، نظرها ليس مثاليا في الحقيقية

ولا تستطيع الرؤية على المدى البعيد، لكنها كافية لرؤيته

هو. 

سمعته يفتح الخزانة ويرفع شيئا من على الرف ثم 

عاد ووقف خلفها، بعد لحظات شعرت بشيء يوضع 

فوق رأسها وعندما أخبرها أن تفتح عينيها، نظرت إلى

انعكاسها لترى ذلك التاج الجميل يزين شعرها 


ذهبي بألماس أحمر وتصميم جميل جدا 

وكما توقع لم تظهر ردة فعل اتجاه التاج، لو كانت امرأة

أخرى مكانها لبدأت بالضحك بقوة وكانت لتبكي

أيضا، فهي ستعلم ما معنى أن يهدي الإمبراطور تاجا لعشيقته


ابتسم بخفة قبل أن يجعلها تلتفت لتقابله فينظر إليها 

بشكل أفضل ثم أحاط وجهها بين كفيه لترفع عينيها 

وتنظر إلى خاصته 

"يبدو مثاليا عليك، لقد صممت الكثير لأجلك وأمرت 

باستخدام أندر وأجمل الجواهر التي أملكها لتزيينه

هل أعجبك؟" 


ابتسمت بهدوء وقالت 


"كيف لا يعجبني، لم أرى الكثير من الأشياء الجميلة في

حياتي لكنني أجزم أن هذا واحد من أجملها" 

"بل يكاد يكون الأجمل على الإطلاق"


أضاف ثم أنزل يديه ليمسك كفيها 


"تعلمين ما معنى هذا صحيح؟"


أومأت له فابتسم مجددا وأردف

"إذن ارتديه دوما وبداية من الآن، هناك الكثير 

غيره في تلك الخزانة، وهي جميعها لك، سوف أعقد

اجتماعا في الغد لأعلن عن الأمر بشكل رسمي"


لم يكن جيمين متأكدا يوما من قراراته كما هو الآن 

لم يجد سببا لتأخير الأمر، مادامت هي لا تملك مانعا 

ولا أحد يملك سببا لرفض ذلك 


"أيقظيني قبل شروق الشمس، هناك ما أريد أن أريك إياه"


أومأت بطاعة لتقترب وتساعده على إزالة ثيابه الملكية 

الثقيلة ثم أزالت هي بدورها ذلك التاج الفاتن لتعيده 

إلى مكانه قبل أن تخفص الإضاءة وتخلد إلى الفراش

بجانبه 

صباح اليوم التالي


بدأ يستعيد وعيه تدريجيا إثر تلك اللمسات الرقيقة التي

كانت تمر على بشرة وجهه بشكل مكرر 


وعندما فتح عينيه أخيرا استوعب أنها هي من كانت 

تفعل ذلك لإيقاظه بهدوء، كانت تستلقي بجانبه تضع 

ذراعها تحت رأسها ويدها تتغزل ببشرته بينما عيناها 

تتأملان هيأته الساحرة 

لم تظن يوما أن المرء قد يدمن النظر إلى شيء ما 

حتى أبصرت ملامحه 


لم تسمع الكثير عنه من قبل، سمعت أنه شديد القسوة

ومخيف الملامح، ذو طباع شرسة، وسمعت أنه جميل 

أيضا ومغري جدا لولا غروره وكرهه لنظرات الناس 

كما سمعت إحدى خادماته تتذمر من صعوبة عملها 

فهو كان يقف بقربهن عاريا لكنهن لا يجرؤن على النظر 

إليه، وكم هو صعب عدم النظر إليه 


الآن فهمت مدى صعوبته. 


أيقظته قبل شروق الشمس كما طلب منها، ورغم شعوره

بالتعب إلا أنه أجبر نفسه على الاستيقاظ ونهض ليستحم

ويرتدي ثيابه كما فعلت هي، لتضع أخيرا التاج الأحمر

الذي يناسب لون فستانها لهذا اليوم 

وترافقه باتجاه باب موصد في جناحه، فتح قفله ليدخل

أولا وتلحق به فيأخذها إلى حديقته السرية التي لطالما

كان يحلم بأن يريها إياها 


بعد بضع ساعات من ذلك استيقظ الأمير ليطلب فطوره

ودخل إلى الحمام ليستعد وهو يشعر بأنه في مزاج جيد 


لكن مزاجه تغير بعد أن استمع لحديث الخادمات بغرفته 

دون أن يلاحظن وجوده 

"هل أنت واثقة من ذلك؟ مستحيل!" 


"أنا متأكدة، لقد طلبني لأخبر طاقم حديقته بتجهيز

مجلس لهما هناك وقد لمحت عشيقته وفوق رأسها تاج

أحمر ليتك رأيته إنه جميل جدا جدا" 

أجابت الخادمة بهمس وهي تنهي ترتيب الطاولة وبنبرة

متحمسة تنشر الخبر 


"هذا يعني أنه سيتزوجها؟ هذا صادم بحق، ظننته 

سيتزوج أميرة، أو ربما لن يتزوج أبدا بما أنه احضر أخاه 

ليكون ولي العهد اعتقدت أنه سيتخلى عن الزواج ولن 

يسعى لينجب"

"ظننته سيتزوج الأميرة آريس، وإلا فلماذا يبقيها في 

القصر محبوسة!" 


"لديها الكثير من الأتباع في مملكتها يحبونها وهو يريد

استغلال ذلك لكنها لم ترضى التعاون معه لهذا يبقيها سجينة"


"وماذا سيحصل الآن للأمير تايهيون؟"

"أرجو ألا تحدث مشاكل بين الإخوة، فإذا أنجبت تلك 

المرأة ولي عهد قد يحاول قتله لكي لا يحل محله"


استمع لحديثن كله من خلف الباب وهو يشد على قبضة 

يده محاولا كتم غضبه، لكن محاولته فشلت عندما سمع

آخر جملة ليخرج من الحمام بسرعة فينتفضن من أماكنهن

ويسرعن للوقوف في صف واحد بجانب بعضهن البعض

أنزلن رؤوسهن للأسفل وانحنين 


ولأنه كان يقف خلف باب موصد هو لم يرى وجه التي 

تحدثت لذلك صاح بحراسه ليدخلوا وأمرهم بأخذهن 

جميعا إلى السجن وجلد كل واحدة منهم خمسين مرة 

"أريد رؤية السوط يغرس في جلودهن كالسكاكين، لاحقا

سآتي لرؤية ذلك وإن لم أجده كافيا سأضاعفه" 


ارتعبن كل الرعب واكفهرت وجوههن ليسقطن أرضا 

يتوسلن طلبا للرحمة والعفو لكنه كان يقف هناك بقامة 

شامخة ووجهه صلب حاد لم تؤثر به الدموع والتوسلات 

ولم يكن يهتم إن كانت أجسادهن نحيلة وضعيفة لا تقوى

على تحمل العذاب

"تطلبن الرحمة؟ ليكن في علمكن إذن أن عقابي قد كان 

أن تجلدن مئة مرة، لكنني رحيم جدا فقررت إخفاضها 

إلى النصف" 


بعضهن توقفن عن التوسل خوفا من أن يغضب ويضاعف

عدد الجلدات وتم سحب الفتيات الخمس إلى السجن 

ليتلقين العقاب، وترك هو في غرفته ليواجه غضبه 

أنزل عينيه إلى الطاولة الكبيرة المليئة بالطعام فركلها 

بقوة ليقلبها ويحطم كل ما عليها 


كل الفرح والراحة النفسية التي عاشها منذ أن أمضى

بعض الوقت مع أخيه، قد تلاشت، وعاد لكونه عصبيا 

يكره كل شيء حوله 

بعد أن علم  بنية أخيه للزواج وتنصيب روزي إمبراطورة

بلاده، شعر بالخطر، فذلك قد يعني أنه ينوي إنجاب ولي عهد


وسيكون عليه تلطيخ يديه وقتل الطفل إن حدث 


أو ربما قتل والدته 

ظل يحوم في غرفته يفكر ويكدس غضبه 


حتى تذكر أمر الأميرة آريس 


فارتدى ثيابه الملكية وجهز نفسه ليغادر جناحه متجها 

إلى غرفتها 

كان جيمين يغط في نوم عميق، رأسه فوق فخديها 

ويداها تداعبان خصلات شعره 


كانا يجلسان في تلك الحديقة بعد أن تجولا بها وجعلها 

ترى جمال ألوانها، وقد حرص على القدوم لمشاهدة 

شروق الشمس معها هنا، فهذا المكان الخلاب يزيد جمالا

وقت الشروق او الغروب

أعجبها المكان كثيرا، كان يشعرها بالحرية وبالطاقة 

الايجابية تنبعث منه، هدوء جميل وهواء عليل، رائحة 

عبقة تغمر الجو، وأصوات تغريد العصافير تزينه 


لم تكن تستطيع رؤية الأشجار البعيدة بشكل جيد 

ولا بيوت العصافير المزينة بالزجاج، لكنها ترى الألوان 

المشوشة كقوس قزح في السماء، ولم تكن لتتذمر من ذلك

بل أعجبها وأعجبها كثيرا 

حتى تمنت لوهلة أن تمضي كل الوقت هنا بعيدا عن 

القصر الخانق 


حرك رأسه بعد حين ليفتح عينيه وينظر إليها مبتسما 


"هل نمت لوقت طويل؟" 


"تستحق الراحة، لم تحصل على كفايتك الليلة، أعتذر" 

"الأمر يستحق، لا تعتذري" 


"المكان جميل جدا، لم أعلم بوجوده، هل بنيته منذ 

وقت طويل؟" 


"لا في الواقع هذه الحديقة متواجدة منذ أن كنت طفلا 

وأمي هي من قامت بتصميمها وأمرت ببنائها 

هي قد كانت تعاني من مرض ما، تشعر بالصداع أحيانا 

ويهاجمها الألم فجأة، لهذا أعطاها والدي الإذن لتحويل 

هذا المكان إلى حديقة لها، بعد أن كان مخزنا سريا للأسلحة


نقلت الأسلحة لمكان اخر، وبعد أن انتهى بناء الحديقة

أصبحت تقضي معظم أوقاتها هنا"

"يبدو أنه كان يحبها كثيرا، ليبني لها حديقة بهذا الحجم"


"أجل، لكنها بعد ولادتي أصبحت مريضة أكثر ولم تعد 

تحب سماع الأصوات الصاخبة أو الحديث بصوت مرتفع 

خشن، فكانت تبتعد عنه وتبقى هنا، مما دفعه للزواج 

من امرأة أخرى، وهي من أنجبت تايهيون 

لقد أحببت اخي كثيرا لكنني كرهت والدته"


صمت لوهلة وعاد يستذكر الفترة التي فقد فيها والدته 

ثم أردف


"لقد كرهت هذا المكان الساطع وهجرته لسنوات، أتعلمين لماذا؟

"لأن والدتي من قامت بتصميم بنائه، فكرة البحيرات 

المعلقة ونهر الألوان، وكل الحيوانات اللطيفة كانت 

فكرتها، هذا المكان كان يعبر عنها وكنا نقضي وقتنا

نلعب هنا بعيدا عن أعين الناس، هنا حيث تصرفنا 

بشكل طبيعي، بكل حرية كنا نسبح في البركة ونلعب

مع الطيور، ثم نركب القارب على النهر ونتوقف لتناول

الكعك بينما أضع رأسي في حضنها وهي تحكي لي القصص 

في نهاية حياتها هي أصبحت عمياء حين مرضت، فكنت

ألازمها قدر الإمكان، أحضرها إلى هنا، فتطلب مني أن

أصف لها ما أراه، لقد كنت سيئا في وصف جمال كل شيء لكنها أحبت ذلك، وقالت لي أنها تعرف كيف تتخيله 

عندما توفيت، شعرت أن حياتي أصبحت مطفأة، لمعان

الشمس كان ساطعا جدا بالنسبة لي وقد كرهته، وعندما

دخلت هذه الحديقة، وجدت أنها فقدت بريقها، أصبحت 

مملة ولا شيء جميل بها، كل الشخصيات الخيالية 

التي كانت تخرج من قصص أمي وتطفو هنا اختفت، كنت

في الرابعة عشر حين ماتت، وكانت هي عالمي كله 

تعلمت أن على ولي العهد ان يكون قاسيا صلب القلب

لا يبكي، لذلك لم يسمحو لي بالبكاء في جنازتها، والدي

بدا غير مهتم لموتها وأنا كرهت ذلك، فهي تستحق 

الحب، تستحق أن تذرف الدموع لأجلها 


ثم أتى ذلك اليوم حين سمعت زوجته تتحدث عن والدتي

بالسوء، كانت سعيدة جدا بموتها، وبعد سنوات من

المحاولة استطعت اخيرا إثبات خبثها وجعلت والدي

ينفيها بعيدا، ومع ذلك، لم أكن راضيا، وعندما اعتليت العرش

أرسلت لها واحدا من جنودي، ليقتلع عينيها ويحضرها لي


كعقاب على سخريتها من مرض والدتي"


رفع عينيه لينظر إليها بوجه لطيف ويتمتم ببراءة مصطنعة

"هل تظنين أنني بالغت؟"


قهقهت بخفة ليضحك هو أيضا ويرفع رأسه من على 

فخديها قائلا 


"يجب أن أذهب الآن لعقد الاجتماع، يمكنك البقاء قدر

ما تشائين، هذه الحديقة الآن ملك لك"

اقترب ليلثم شفتيها بقبلة عميقة قبل أن ينهض ويغادر 

فاستقامت هي وانحنت له، ثم عادت لتجلس وتغلق 

عينيها لتبدأ بالتأمل 


فهذا المكان كان مثاليا، وتمنت لو أنه احضرها إلى هنا 

سابقا، ما كانت لتغادر القصر وتذهب بعيدا طلبا للهدوء 

بهذا تستطيع ادخار الوقت 



دخل تايهيون إلى تلك الغرفة ليغلق الباب خلفه 


ثم تقدم ببطء

كانت الغرفة مظلمة قليلا، وتعطيك شعورا سيئا بالتواجد

داخلها، كما لو كانت تحوي شبحا بين جدرانها 


لمح جسدا متكورا فوق السرير بصمت 


فاقترب من النافذة ليزيح عنها الستائر فينير الغرفة 

وتتوضح الرؤية 

بعدها سار صوبها وتمعن النظر بها، كان شعرها الأشعث

الطويل منسدلا بإهمال وثوبها البسيط متسخ، بالإضافة

إلى ملامحها الشاحبة والهالات التي تحيط عينيها 


كانت تبدو بائسة جدا 

ولم تهتم لوجود أحد بالغرفة رغم أنها ستعرف كونه 

الأمير بسهولة فقط من ثيابه 


"الأميرة اريس، جميلة الجميلات ذات الحظ السيء، للأسف

فالامبراطور لا يقدر الجمال" 


اقترب منها ليضع يده تحت ذقنها ويرفع رأسها لينظر 

إليها بشكل أفضل 

"لكني على عكسه أعشق الجمال" 



تعليقات

التنقل السريع