روزمين ♡الامبراطور♡ 16

القائمة الرئيسية

الصفحات

 انتشر خبر زواج الإمبراطور، الأمر الذي كان مفاجئا 

للجميع، لكن سرعان ما اختفت الدهشة خلف ستائر

السعادة والاحتفالات، داخل القصر وخارجه وفي ارجاء العاصمة


احتفالات الزواج ستبدأ أسبوعا قبل المراسم الحقيقية

حيث يتزوج الإمبراطور في ليلة اكتمال القمر والتي 

تعتبر من التقاليد، لكن مالا يعرفه الجميع أن ذلك قد

كان مجرد صدفة،و جيمين لم يكن ليكترث أبدا لهذا الأمر

كما أنه من المفترض أن ترتدي الزوجة اللون الأحمر

طوال ذلك الأسبوع، وتخضع للكثير من الجلسات 

التجميلية والفحص الطبي، لتكون إمبراطورة مثالية 


لكنه يعلم أنها قد لا تكون مرتاحة لذلك، كما أنه لا 

يلقي بالا لهذه القواعد الغير ضرورية، وبدل ذلك هو 

أعلن عن إعطائها كل الصلاحيات للتصرف كإمبراطورة

فيكون هو الشخص الوحيد الأعلى شأنا منها، وبالتالي

فإن لها الحق في مشاركته الحكم وإصدار القوانين 

والعقوبات وكل ما يتعلق بالسياسة، ستعتبر هي 

المستشار الأعلى في الإمبراطورية، وثاني أكبر قوة بعده

هذه الألقاب ليست سوى عناوين توضع أمام العامة، فهو

لا يعتقد أبدا أنه أعلى شأنا منها، هي أقوى منه، وأذكى

وأكثر حكمة بكل المقاييس، تستطيع فعل كل الأشياء

التي يعجز هو عنها 


فبأي حق سيجزم أنه افضل منها؟ 

لقد امتنع عن مخالطة النساء لوقت طويل لما أظهرنه 

من سطحية وخبث، لم يجد امرأة في نقاء والدته 

وذكائها، لم يجد من تصادقه وتفهم طريقة تفكيره 

وتسايره، لم يجد من تناسب قواعده


تلك القواعد الكثيرة التي صنعها للمرأة التي ستعتلي العرش

بجانبه، قواعد قاسية وضعها ليتأكد أنه لن يقع في

شباك الغدر 

وقد كان متيقنا أن لا وجود لامرأة تستطيع دهس تلك

القواعد وتخطيها 


لكنها ظهرت فجأة بحياته، وكانت مختلفة بكل المقاييس

وبشكل لم يسبق أن تصوره، كانت عمياء وباردة مستعدة

لتلقي كل الألم وتحمله 

مميزة، ورائعة 


تلاحظ كل حركاته وتفاصيله، تفهم لغة قلبه وأنفاسه 


تجيد التوغل بين أوتاره، تكون سبب غضبه وسكينته


يجد بها الألفة والملجأ، هي كالجدار الذي يسند ظهره

وهو يثق بها، رغم وجود بعض الثغرات بها، إلا أنها 

توفر له كل ما تمناه يوما في المرأة التي ستشاركه باقي أيام حياته. 

ومع الوقت هي ازدادت رقة، وبدأت مشاعرها بالاستيقاظ


بدأ جليدها يذوب تحت لمساته الدافئة، وما كانت تعتبره

مجرد تلامس بين الشفاه أصبح جسرا بين قلبيهما 

يناسق اضطراب دقاتهما، فيعتليها شعور بالخدر ويتوقف

عقلها عن العمل 

وبدون أن تلاحظ هي أدمنت هذا الشعور، وأصبحت تتوق

لشفتيه أكثر وأكثر، وكلما ازدادت لمساته زاد ذلك الشعور

الجميل الذي يسلب حواسها 


إنه شعور من الجنة 


ذلك الحب الذي تعيش تفاصيله ببطء، وتشعر به يزهر

بداخلك ويحتل جسدك كما يحتل الربيع الأرض 

ويزينها بعد الشتاء، يدفئها ويذيب ثلجها

وكما يغرق الرسام في تأمل ثنايا لوحته، هما غرقا 

في حب بعضهما عميقا حيث لا يوجد قاع ولا ضفة. 


أثناء الاحتفالات السعيدة بأرجاء القصر، كانت هي في

الحديقة السرية تجلس بعيدا عن الضجيج، تغلق عينيها 

فوق حافة واحدة من البرك المعلقة ذات العلو الشاهق 


وعلى غير العادة هي لم تكن تمارس تأملها المعتاد، فقد

كانت تفكر، وبداخلها بؤرة من القلق والتوتر

فهناك أمر عليها الإفصاح عنه عاجلا أم آجلا، جيمين 

عليه أن يعلم بذلك ويفترض بها إخباره قبل أن يعلن

عن الزواج لكن الأوان قد فات 


أخذت تفكر في ردة فعله، ترى هل سيكون متفهما 


هل سيغضب ويرفض الاستماع إليها أساسا

بالطبع سيطلب تفسيرا 


ومن حقه السؤال 


من حقه أن يعلم لماذا هي غير قادرة على إنجاب وريث له


يجب أن يعلم 

سار بخطوات غاضبة باتجاه غرفة تايهيون وجونغكوك

كان يلحقه وهو ينظر إليه بقلق وعندما وصلا إلى غرفة

الأمير دخل هو بمفرده ومنع جونغكوك من اللحاق به 


فأوصد الباب خلفه وتقدم بسرعة نحو تايهيون الذي

انتفض من مكانه واستقام ينظر إلى هيأة أخيه المخيفة

ولم يفهم سبب حالته تلك


فتح فمه للاستعلام عن ذلك، لكن صفعة قوية من يد

جيمين أخرسته ولفت وجهه للجهة الأخرى


فاتسعت عيناه بصدمة وأمسك على مكان الصفعة

لينظر إلى اخيه بغير تصديق 

"لقد أعطيتك لقب ولي العهد لكنني لم أضع لك صلاحيات

معاقبة من ترغب، أنت مجرد أمير ضعيف ومدلل اتيت 

إلى هنا لكي تتعلم لا لكي تتباهى بمكانتك فاعلم أنني

أكره الظلم وما كنت لأتركك تمارسه في قصري وإن كنت

أقرب الناس إلي هل هذا مفهوم؟" 

صرخ جيمين بوجه الأصغر الذي كافح لإبقاء دموعه 

داخل عينيه وهو يشاهد هذا الوحش المخيف أمامه 


جيمين هذا لا يشبه أبدا أخاه اللطيف الذي كان 

يمزح معه ويواسيه ويفعل كل شيء لحمايته، هذا هو

الإمبراطور المرعب الذي سمع وقرأ عنه 

وها هو اليوم يراه ويختبر غضبه 


لم يستطع قول أي شيء فتقدم منه جيمين ليعود 

تايهيون للخلف تلقائيا بحركة غير ارادية خوفا من الاخر


"لقد ماتت خادمتان اليوم بسببك، احداهما أم لطفل رضيع 

لا يملك عائلة غيرها، والأخرى تعيل أختا صغيرة وجدة

مريضة، أما الثلاث الباقيات فلن يقدرن على العمل لعدة

أسابيع بسبب التعذيب، هل أنت راضٍ؟ أخبرني هل أنت

سعيد بهذا؟؟ هل بالصدفة أنت وحش تتغذى على بؤس

الآخرين؟ هل تشعر بالقوة عندما تأمر بتعذيبهم؟ تحدث!"

استمر بالصراخ لتتدفق دموع تايهيون على خديه فينفجر

هو الآخر بوجه الأكبر محاولا الدفاع عن نفسه


"كيف لك أن تقول ذلك وأنت لا تعلم ما فعلنه حتى؟؟ 

هل سألت لماذا أمرت بتعذيبهن في المقام الأول؟ "

" أنا لا أهتم ولا يوجد سبب يدفعك لتنفيذ عقوبات 

على الخدم لأنك لا تملك الحق في ذلك أساسا، تعال لي

وأخبرني وأنا سأنصفك، لكن إياك والتصرف كالحاكم 

هنا فأنت مجرد شبل بلا أنياب لذا كف عن محاولة 

الزئير وعض من حولك"

اتسعت أعين تايهيون ليهدأ قليلا ويكمل بصوت ضئيل


"ل-لقد لقد حاولن تسميمي"


قهقه جيمين بسخرية ليهز رأسه


"هل يا ترى تعلم أنني أكره الكذب؟ أكرهه لدرجة أنني

أكاد أرفع رأسك بنصل سيفي الآن، هل تعلمت ذلك من

والدتك أم أنه أمر ولد معك؟"

" ماذا تقول! أنا لا أكذب-" 


"أعلم كل شيء بالفعل، لقد كذبت بشأن تايهيونغ أيضا 

وقلت أنه حاول اهانتك، لكنك أنت من كنت ستغدره 


تعلم جيدا أن الغدر من شيم الجبناء فلماذا فعلت ذلك؟ 

ولأنك كنت محرجا من فشلك الذريع في إيذائه كما

كنت تفعل ببقية الجنود شعرت بالغضب وأردت مني

معاقبته؟ ظننت أنني لن أكتشف كذبتك؟ تايهيون 

هل قواك العقلية على ما يرام؟ لا أظن ذلك، لقد خيبت

ظني بك أشد خيبة، تجاهلت القواعد وأثبتت أنك 

خبيث أكثر من والدتك، لا أصدق أنني كنت سأجعلك

ولي عهدي وأضع بلادي بين يديك لتبطش بها كما تريد"

تايهيون صمت وعض شفتيه لينظر إلى الأرض وهو يبكي

ويغلي من الداخل 


"بجانب إعلاني عن بداية مراسم زواجي سوف أعلن 

عن تنحيتك من منصب ولي العهد، سوف أدعك تبقى

هنا، إن أردت أن تثبت لي أنك تريد أن تتغير فسوف 

أعلمك وأدربك لتصبح رجلا، أما إن أردت البقاء كعاهرة

ماكرة مثل أمك فسوف أجهز لك أول سفينة تعيدك 

إلى حضن تلك الأفعى ولتتمرغ في سمها كما شئت حينئذ"

أكمل بصوت صارم وهادئ ليلتفت سريعا ويغادر 

شاعرا بكمية كبيرة من الغضب والحزن تتشكل كالصخرة 

في قلبه، فشعور الخيبة كان يتضخم ويكاد يخنقه 


لذلك توجه إلى جناحه بعد أن أخبر جونغكوك بقراره

بشأن الأمير، ثم بدأت تجهيزات نقل تايهيون من ذلك

الجناح إلى جناح صغير وبعيد بالإضافة إلى تجريده 

من كافة الصلاحيات التي تميزه كأمير فيصبح بذلك 

مثل الأسير في القصر 

لكن هل كان تايهيون ليصمت؟ 


هل كان ليندم بعد حديث أخيه ويتوقف عن محاولاته 

لتدميره؟ لا 


بل هو ازداد غضبا وزادت رغبته في تحطيم جيمين 


لكنه سيبدأ بما هو أبسط 


عصر ذلك اليوم 


دخل جيمين إلى جناحه ليجده فارغا، فاستنتج 

أن روزي ماتزال في حديقته لذا اتجه مباشرة إليها 


سمعت هي خطواته تقترب واستطاعت أن تلحظ 

انزعاجه من طريقة مشيه وصوت تنفسه، فاستقامت

وقفزت من على حافة البركة المعلقة لتنزل بخفة

ورشاقة فتستقر منحنية على الأرض أمامه 

زال التجهم من على وجهه حين شاهدها تفعل ذلك 

حتى أنه ابتسم لإعجابه بقدراتها وكيف أنها تجعل 

كل شيء يبدو سهلا رغم ارتدائها لثياب ملكية مثقلة

بالمجوهرات وتاج ذهبي مرصع بالالماس، إلا أن شيئا

لم يتحرك من مكانه حين قفزت من ذلك الارتفاع 

فتحت عينيها واقتربت منه 


"ماذا حدث ليغضبك مولاي؟" 


تساءلت بهدوء فأخذ نفسا عميقا وتركه يخرج ليعود 

له شعور الإنزعاج


"تايهيون اليوم قد أمر بجلد خمس خادمات، انتهى 

الأمر بموت اثنتين، وهذا قد حصل دون علمي" 

ثبت ناظريه على الأرض وتعابير مخيفة تعلو وجهه 

حيث أخذ يفكر في الأمر مليا، يرغب في قتل الجلاد

والحراس الذين نفذوا أوامر تايهيون بدون علمه، وفي 

نفس الوقت يشعر بالذنب كونهم مجرد مأمورين 

ينفذون ما يقال لهم، لقد قام بوضعهم في السجن 

بالفعل وهاهو يقاوم رغبته في قتلهم 

ثم هناك تايهيون، كم يرغب في قتله هو الآخر 


لكنه مازال يفكر في عقوبته، فمنعه من اعتلاء العرش

ليس عقابا كافيا بالنسبة له


شعر بجسدها يقترب من خاصته ويدها توضع على

صدره فنظر إلى وجهها القريب واعتنقته رائحة عطرها الجميل، فاستنشقه بعمق ليشعر بجسده يسترخي قليلا

"الأطفال مثل الأرض الصالحة لإنبات أي نوع من الزهور

والأمر يعتمد على نوع البذرة التي يختار البستاني زرعها


ربما يزرع زهرة ناعمة لها عبق بديع، وربما زهرة شائكة

تحمل السم في بتلاتها، أيا يكن، ليس علينا لوم البذرة

التي تنمو داخل الطفل، بل علينا لوم البستاني الذي

اختار زراعتها وسقيها لتصبح ما هي عليه، تايهيون 

قد كبر ولم يعد طفلا، ووالدته قد سهرت على زرع 

بذور الخبث في داخله، بذور يصعب وربما يستحيل 

اقتلاعها، لذلك فالحل لن يكون بمجرد معاقبته والتغاضي

عنه بعدها"

"ماذا تقترحين إذن؟"


"أنت تحبه لكن هو لا، لم يحبك عندما عاملته بلطف 

ولن يحبك الآن وانت تعامله بقسوة، أعده إلى حيث 

ينتمي فالكراهية تعمي عينيه وقد يحاول قتلك بها"


"لا أريد إعادته، لن أتركه في تلك الحفرة حتى يتآكل

بكراهيته، سأحاول معه حتى يتغير"

نظرت بعينيه لتبتسم بهدوء وتوافق أيا كان ما يقوله 

بالرغم من أنها تعلم جيدا أن تايهيون لن يتغير، هو 

ذلك النوع الذي لا يتأثر على المدى الطويل 


قد يحب جيمين اليوم، وبالغد سيكرهه ويقرر قتله


امتلكت ذلك الانطباع منذ أول مرة شعرت بهالته حولها

ومرة أخرى عندما سمعت صوته، ثم عندما رأت وجهه


نفس الانطباع، ونفس الهالة المظلمة تحيط به 


لكن جيمين عنيد بدوره، ولن يرضى الاستسلام وترك

أخيه، فهو مازال يحبه رغم شعوره بالخيبة منه

هو أراد جلده كذلك ليشعر بما تسبب به للخادمات لكنه

تراجع عن تلك الفكرة خوفا من أن يكرهه تايهيون 


فهو مازال يملك أملا أن أخاه يحبه


تنهد بعمق وجذب خصرها بذراعه ليلصقها أكثر بجسده 

ويتحدث مغيرا الموضوع 

"لقد أعلنت عن بداية مراسم الزواج، ومنذ اليوم أنت

أصبحت تتمتعين بكل حقوقك كإمبراطورة للبلاد"


ابتسمت بهدوء 


"ذلك يشرفني مولاي" 


كانت ترغب في إخباره الآن، كانت تخطط لفعل ذلك 

حالما تراه، لكن حالته الآن لا تسمح، هو منزعج وغاضب

وهي تريد أن تبقى مصدرا للراحة والاسترخاء بالنسبة له

لا أن تزيده حزنا، ومن يعلم ما قد تكون ردة فعله 


"ماذا هناك؟ هل تريدين قول شيء؟" 


تساءل عندما لاحظ شرود عينيها وتحديقهما في نقطة

عمياء تبين ترددها في الحديث، مع أنها تجيد التحكم 

في تعابيرها الا أنها ليست معتادة على التحكم بنظرات 

عينيها، فيصبح سهلا عليه قراءتهما 

ابتسمت ونظرت إليه لتشير بإصبعها إلى البركة الكبيرة 

خلفها وتردف


"هل يمكنني السباحة؟" 


رفع حاجبيه ونظر إلى حيث تشير 


"لكن المياه باردة"

ظلت تنظر إليه للحظة قبل أن يتدارك الأمر 


"اه نسيت، لا تشعرين بالبرد، حسنا افعلي ما تشائين

أنت الإمبراطورة الآن وهذا المكان أصبح ملكا لك" 


قهقهت بخفة لترفع يديها وتزيل التاج من على رأسها 

أولا وتموضعه فوق الطاولة القريبة، وبعدها أزالت 

فستانها الأحمر الخارجي لتبقى مرتدية الثوب الداخلي

الأبيض الخفيف، وبخطوات رشيقة تقدمت باتجاه 

البركة وأدخلت قدميها أولا قبل أن تخفض جسدها 

ببطء وتشعر بالمياه الباردة تغمر جسمها وتنعشه

تأملها بهدوء وهي تسبح وأحيانا تختفي تحت المياه 

لثوان عدة قبل أن تظهر مجددا 


تنفس بعمق ونظر حوله قليلا قبل أن يقترب من حافة

البركة ويتجرد من حذائه ثم ستلقي على ظهره مغلقا

عينيه يستمع لتغريد العصافير وأصوات الحيوانات التي تتجول هنا وهناك 

قضى مدة وهو يستلقي بتلك الطريقة دون حركة 

مما دفع أرنبا صغيرا للتقدم ناحيته بحذر حتى وصل 

إلى رأسه وبدأ يشم شعره ثم انتقل الى جانب وجهه 

لفعل نفس الشيء 


قطب جيمين عندما شعر بذلك الشارب الصغير 

يدغدغ جانب وجهه فحرك يده بسرعة ليقبض على

الأرنب ويرفعه ليضعه فوق صدره وينظر إليه 

"من بين كل الأشياء المثيرة للاهتمام في الحديقة

لم ترى غيري لتزعجه؟" 


سمع قهقهة خفيفة من على يمينه لينظر باتجاهها 

ويراها تسبح ناحيته 


"إنه لطيف جدا، يبدو صغيرا للغاية" 

"كنت افكر بأكله لأنه مزعج، لكن بما أنه أعجبك فقد

أعفو عنه" 


"حقا؟ لكنني سمعت أنك تكره لحوم الأرانب"


"لماذا برأيك"


"لأنها لطيفة؟"

"بل لأن طعمها مقرف" 


ابتسمت لتضع ذراعها على الحافة وتسند جسدها إليها 

قريبا منه ثم رفعت يدها الأخرى وبدأت تلاطف خدود 

الأرنب ورأسه بإصبعها وهو بدأ ينزعج من يدها المبللة

مما دفعها للضحك 

وأثناء ذلك نظرات الإمبراطور لم تكن معلقة إلا عليها


يتأمل ابتسامتها الجميلة وهيأتها التي تسلب الأنفاس

بذلك الثوب الرقيق وبخصلات شعرها الطويلة المبللة 


وهي قد لاحظت ذلك فوضعت يدها فوق يده وعلقت 

عينيها في خاصته، فقط لبضع ثوان قبل أن تقترب 

وتلاقي شفتيهما بقبلة عميقة، شعر بها تخدر أطرافه 

مما جعل الأرنب ينفلت بسهولة من يده ويهرب بعيدا 

تلمست أصابعها عروق يديه البارزة وشعرت بدقات قلبه

الواضحة تنبض تحت كفيهما المتموضعين على صدره 


ودون أن تفصل شفاههما هي أخرجت نفسها من الماء

لتعتلي جسده وتقبله بشكل أكثر عمقا، وهو لم يمانع 

أن يبتل بسببها، بل شد جسدها إليه وسمح ليديه 

بإلقاء التحية على تفاصيلها 

مر الأسبوع كاملا وحان موعد إتمام الزواج 


تمت دعوة الكثير من الشخصيات الهامة إلى قصر

الإمبراطور بالإضافة إلى بعض العائلات الراقية والثرية


الرعايا بدورهم يملكون حفلا كبيرا في شوارعهم 

حيث ستتجول فرقة راقصة مشهورة لتقيم عرضا

احتفاليا جميلا، سيكون الأمر أشبه بمهرجان القمر

السنوي وأكثر ما يتحمس له العامة في هذا المهرجان 

هو الألعاب النارية التي بدأت تقام في السنوات الأخيرة 

وهو يظل أجمل عروض الاحتفال بالإضافة إلى كونها 

رمزا للحماية والبدايات السعيدة 

أقيمت طقوس الزواج بشكل خاص داخل جناح 

الإمبراطور ولم يحضر غير المقربين منه، وتايهيون

كان من ضمنهم 


هو وبشكل مفاجئ لم يقم بأي عمل مثير للشبهات 

ولم يتسبب بالمتاعب في الأسبوع الماضي، وقد استعد 

للاحتفال بزواج أخيه دون أن يجبره أحد 

وجيمين اعتقد أن أخاه قد بدأ يفهم ما أخبره به 

قبل أيام 


بعد وسم كليهما لوثيقة الزواج الملكية وعرض الهدايا 

التي جهزها الإمبراطور لزوجته، يقف كليهما في البرج 

الخارجي للقصر حيث يستطيعان رؤية الرعايا وهم 

يحتفلون قرب القصر، والجميع ينظر اليهما محاولين

رؤية الامبراطورة، فهذه قد تكون الفرصة الوحيدة 

لهم لرؤيتها 

وبعد ارتدائها للتاج الأحمر اللامع تنطلق احتفالات 

الألعاب النارية من على سطح البرج ومن حوله 


رفعت عينيها تنظر ناحية الألوان المتفجرة في

السماء، ولأول مرة تراها بذلك السطوع، بالرغم 

من أنها لا تستطيع إبصارها بشكل مثالي إلا أنها ابتسمت 

وأمالت رأسها على كتفه ليحيطها بذراعه ويشاركها 

الابتسام وتأمل الألعاب النارية معها 



تلك الليلة وبعد انتهاء الاحتفال 


أغلقت أبواب الجناح الملكي بعد دخول الإمبراطور 

وزوجته ليسود الهدوء 


نظرت إلى عينيه لتجدهما تلمعان بسعادة، بريق الحب

يغشاهما بكل وضوح، وكم كرهت إفساد ذلك الآن، لكنها

لا تستطيع إخفاء الأمر أكثر 

هذه آخر فرصة، يجب أن يعلم كي يضع في الحسبان 

حصوله على زوجة ثانية لكي يحظى بولي عهد يخلفه

على العرش، فمهما بلغت قوة الإمبراطور، يظل ضعيفا 

في نظر الأعداء بلا وريث رسمي، وسيكون دوما هدفا 

لمكر البلاط والوزراء، فلو مات جيمين الآن، تايهيون 

سيكون الإمبراطور من بعده رغم تنحيته من منصبه 

وسيكون سهلا على الوزراء التلاعب به كونه مايزال 

صغيرا يفتقر الخبرة والحكمة 

"مولاي.." 


همست حين اقترب ليقبل جبينها، فأغلقت عينيها 

وتنفست بعمق قبل أن ترفع رأسها وتنظر إلى عينيه 


"لدي ما أخبرك به" 


همهم بهدوء لينتبه لها، وليس في باله أي توقعات 

لما تريد قوله الآن وفي موقف كهذا، فهو أيضا يريد 

قول الكثير، لكن ليس قبل الاستماع لها

"أنا.." 


لم يسبق أن شعرت بصعوبة الحديث كما الآن، ومع كل 

التقلبات التي حصلت بمشاعرها مؤخرا، هي بدأت تهتم

أكثر بِردات فعله وتخشاها


"تعلم أنني.. كنت فتاة صغيرة حين بدأت التدريب في

المعبد، التدريب الذي خضعت له لم يكن عاديا ولم يكن 

رفيقا بأجسادنا، ولا بأنوثتنا، فالأنوثة كانت ضعفا بالنسبة لهم" 

قطب حاجبيه باستغراب للمنحى الذي أخذه حديثها 

فهو لم يتوقع هذا ابدا ولا يفهم المغزى منه فأكملت


"أثناء فترات البلوغ.. كانو.. يستئصلون الرحم لكي

لا يكون الحيض عائقا لدى المتدربات الإناث.. ولكي

يكرسن حياتهن لخدمة المعبد"

أكملت حديثها بسرعة وهي تخفض رأسها وتغلق عينيها 

غير راغبة في رؤية الخيبة على وجهه، يداها تشدان 

بقوة على ثوبه حيث تقف ملتصقة به فوضعت جبينها 

على صدره، تنتظر سماع ما سيقوله 


لن ينكر أنه قد شعر بالدهشة لما قالته واحتاج لبضع 

لحظات كي يستوعبه، وحين فعل لم يفكؤ كثيرا في

حقيقة عدم قدرتها على إنجاب وريث له 

بل ركز على ما قام به المعبد وما فعلوه للفتيات المتدربات هناك 


وفجأة بدأت الصورة تتضح في عقله، فرفع رأسها 

برفق ليجعلها تنظر إليه 


"هم من تسببوا لك بالعمى أيضا، أليس كذلك؟" 

ظلت تبادلها النظرات بصمت 


"هذا يعني أن هنالك غيرك، المزيد من النساء بمثل

قدراتك، وجميعهن بلا بصر" 


"ليس الكثير، هناك ثلاث الآن غيري، من بين أربعين 

فتاة نحن فقط من نجونا من صعوبة التدريب" 

"هل هذا كل شيء؟ هل هناك المزيد لأعرفه؟"


شعرت بوخز في قلبها حين سمعت نبرته، كان بالطبع 

راغبا في معرفة كل شيء، وكلن يلمح إلى سبب وجودها 

هنا في قصره، سبب وقوعه في حبها وسبب زواجه منها 


يشعر الآن أن هناك الكثير يجهله، لكن حقيقة شعوره 

نحوها لم تتغير رغم ما سمعه الآن 

وهي اعتقدت عكس ذلك، فأسرعت تفلت ثوبه لتنزل

أرضا منحنية له تضع رأسها أمام قدميه


"أعتذر مولاي، أنا لا أستحق عطفك، وحتما لا أستحق

هذا القدر من الحب الذي لطالما أظهرته اتجاهي" 

اتسعت عيناه متفاجئا من اعتذارها الآن، فأمسك 

بكتفيها ليجعلها تستقيم 


"توقفي عن ذلك، أنا لا ألومك على أي شيء، فلا تفكري

هكذا، صحيح أنني منزعج جدا مما فعلوه بك، والتفكير

بكل ما مررتي به أنت وبقية النساء بعمر صغير يجعل

دمائي تغلي غضبا، أي نوع من الوحوش هؤلاء، أي قلوب

هذه التي تسوغ لهم إيذاء الأطفال وسلبهم نعمة البصر 

ومنعهم من سنوات طفولتهم! كم أرغب الآن في الذهاب

وهدم سقف المعبد فوق رؤوس سكانه"

رأت الغضب واضحا في عينيه، تلك النظرات الخطيرة 

التي تتنبأ بالسوء، وهو بالفعل كان ينوي تحقيق ما تفوه به من تهديد 


سيسعد كثيرا بإعدام ذلك المعلم ورهبانه المسؤولين 

عن إيذاء وقتل أربعين فتاة في الثلاث عقود الأخيرة 

عدى جرائمهم التي لا يعلم شيئا عنها 


"وأنت، لا أسمح لك بالتقليل من نفسك لا في حضرتي

ولا في حضرة غيري، لا يهم إن كنت عمياء ولا إن كنت 

غير قادرة على الإنجاب، فأنا لم أتزوجك لهذه الأسباب

بل لأنني أحبك، لأنني مغرم بك، ولتحترق التقاليد 

تحت قدميك" 

ابتسمت بخفة ولمعان عينيها ازداد ليندفع بلا تأخير

يعاقب تلك الشفاه المذنبة، تلك الشفاه التي تأبى الرضوخ 

والاعتراف بحب صاحبتها له 


لولا معرفته بها، لجزم أن لها كبرياء يمنعها من ذلك

لكنها في الحقيقة ليست إلا جاهلة بالمشاعر، تكتفي

بمحادثته بعينيها، ولحسن الحظ هو بارع في قراءة العيون

في مكان آخر، وعند الأخ الأصغر حيث كان جالسا 

في جناحه لا يرتدي الا ثوبا خفيفا ويربط خصره 

بحزام أبيض، يحتسي الشراب بهوادة


وحالما سمع طرقا على بابه ابتسم بخفة ليسمح 

للطارق بالدخول 

فتح الباب ومرت عبره فتاة تنحني مردفة بنبرة

منخفضة خائفة 


"أمرت بحضوري مولاي.." 


"قفي أمامي حين تتحدثين" 


ارتجف جسدها لتسرع وتسير اليه لتقف أمامه وهي

تنحني مجددا 

"ما اسمك؟" 


كان يعلم اسمها بالفعل، فهو قد طلبها بالإسم وأشار

إليها، لكنه يحب العبث الآن، فاتسعت ابتسامته اكثر

حين سمع اجابتها 


"أدعى يوكي، سموك"

"همم يوكي، أظنك أتيتي قبل أن تتجهزي، ربما لم يجد 

الخادم إيصال رسالتي، لكنني لم أطلب خادمة، بل أردت

جارية جميلة تتجهز لي" 


قلبها نبض بقوة وشعرت بالرعب يهز جسدها 

"لكن لا بأس بك، هيا، لا تخجلي وقومي بعملك، أعلم أنك

ترغبين بذلك" 


كانت نبرته جادة، فلم تعلم ما تفعله، بدأت الدموع 

تتدفق إلى عينيها وارتجفت أطرافها بخوف مختلط بالدهشة

"ماذا تنتظرين! "


صرخ لتشد على عينيها فتنزل دموعها، وأول ما فكرت به 

هو تايهيونغ، لا تريد إهداء جسدها كلعبة للأمير، وبنفس

الوقت هي تخاف العقاب إن لم ترضخ لأوامره 

والامبراطور الآن لا يعلم شيئا عنها، فهي تكون الابنة 

الوحيدة لمربيته المتوفاة، لذلك هو أعطاها عملا جيدا 

في القصر هي ووالدها وأخبرها أن تطلب منه ما تشاء

وألا تتردد في اللجوء اليه مهما حدث 


هي تعلم أن الحراس الموجودين في الخارج لن يتركوها

تهرب من هذه الغرفة، والجميع مشغولون بالتنظيف بعد 

الحفل لذلك لن يشعر أحد بغيابها 

"اوه يا لي من شخص غبي، نسيت ضيف الشرف

بالطبع لن نبدأ شيئا بدونه" 


حرك الجرس الذي بجانبه ليفتح حارسه الباب فأمره

بإحضار تايهيونغ حالا إلى غرفته 


وهي بدأت تحدق فيه بخوف أكبر، لا تعلم ما غرضه 

من إحضار تاي إلى هنا فبالفعل تعلم أن علاقتهما سيئة 

"وأنت، دعيني اجهزك" 

أسرع تايهيونغ راكضا الى جناح الأمير بعد أن سمع 

ان يوكي موجودة هناك، شعر بالفعل أن ذلك الماكر

يخطط لأمر ما، لكنه لم يتوقع أن يستغل يوكي ضده 


كم هو منحط ليفعل ذلك 


اقتحم الغرفة ليتجمد أمام المنظر الذي أمامه 

حبيبته كانت محاصرة أسفل الأمير الذي يشرع بتقبيلها 

بجموح وبشكل همجي جدا يفعل ما بوسعه لإيذائها 

وجرح شفتيها بأسنانه 


كانت ثيابها فوضوية والجزء العلوي منها ممزقا يظهر

كتفيها والكثير من صدرها، علامات التعنيف كانت واضحة 

على رقبتها ودموعها لا تتوقف عن النزول لكنها لم تستطع 

فعل شيء لإيقافه من الاعتداء على جسدها كما يشاء

فهو أمير بعد كل شيء


كان جاهزا ليرفع سيفه بوجه الأمير لولا الأيادي 

القوية التي كبلته من الخلف وأحاط به أربعة حراس

اثنان يمسكان به واثنان يقفان بقربه يلوحان بسيوفهما 

أمام وجهه

اسودت عيناه وانتفخت أوداجه ليرفع تايهيون رأسه

أخيرا ويضحك بخفة على شكله بينما يمسح الدماء

من على شفتيه


"أتيت أخيرا، لقد تأخرت، كادت الحفلة تنتهي" 


تحدث ثم حمل سكينا حادا ليضعه على كتفها ويردف

"لا تقلق أنا لم أعد أريدها، يمكنك الحصول عليها الآن


لكنني سأكتب اسمي عليها أولا، لكي تتباهى به دوما 

أمام الناس وتخبرهم أن جلالة الأمير تايهيون بنفسه 

قد لمسها" 


بنبرة مختلة أكمل ليضحك ويبدأ بالضغط على السكين 

ببطء ضد جلدها فبدأت تصرخ بألم 

وبينما هو منشغل باللهو ظنا منه أن حراسه قادرون 

على حمايته من جموع تايهيونغ 


بدأ هذا الأخير بإظهار غضبه الحقيقي، مستخدما

كل المهارات التي تعلمها من روزي، كل القوة والسرعة 

والتركيز الذي أمضت أشهرا طويلة تلقنه إياها 

سحب أحد الحراس ليتعثر بقدمه ويتحرر من قبضته 

ثم لكم الآخر مباشرة في الوجه قبل أن يحمل سيفه 

بسرعة كبيرة ويصيب به الاثنين الآخرين، برشاقة 

وقوة مرعبة جعلت تايهيون يتجمد مكانه وتتسع عيناه 


لكنه ليس النوع الذي يستسلم بسهولة، هو من النوع 

الذي يخوض نزالا خاسرا حتى ينتهي بهزيمته 

رفع السكين واستقام يهاجم به الآخر وتايهيونغ لم 

يحتج لاستخدام سيفه، كل ما فعله هو تجنب هجومه 

ثم ضرب منتصف صدره بقبضته مرة واحدة، وبقوة كبيرة جدا  


قوة اكبر من الازم 

أردته أرضا بلا حركة، تايهيونغ اسرع لتفقد حبيبته 

ومعانقتها ليمسح على رأسها ويواسيها، بخبرها أنه 

لن يسمح له بإيذائها 


دون أن يلاحظ أنه قد قتل الآخر للتو بلا قصد



تعليقات

التنقل السريع